نظام التأمينات الجديد والفرق الذي سيحدثه
أعلنت تعديلات جوهرية على نظام التأمينات، ولعل ما هو مطلوب بإلحاح تطوير الاشتراك الاختياري في التأمينات الاجتماعية، الذي ارتكز حتى الآن إلى إطار ضيق يسمح لغير المشمولين بالنظام الإلزامي الانضمام إليه طواعية، بهدف توفير حماية تأمينية لهم ولأسرهم، والفئات التي يحق لها الاشتراك الاختياري هم المشتغلون لحسابهم الخاص «أصحاب المهن الحرة»، العاملون السعوديون خارج المملكة، العاملون في البعثات الدولية والأجنبية داخل المملكة «غير المشمولين بالنظام الإلزامي»، ولمتوقف اشتراكهم الإلزامي في فرع المعاشات، حيث يتيح الاشتراك الاختياري حصول المشترك على معاش تقاعدي عند بلوغ السن النظامية. أما نظام التأمينات الاجتماعية الجديد، في المادة الرابعة منه، أجاز لمجلس الإدارة استحداث برامج ادخارية اختيارية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
أما المتوفر حالياً، فيما يتصل بالاشتراك الاختياري فهو منتج يقف عند أعتاب ما هو ضروري وما لابد منه بد، أي لتغطية أصحاب الأعمال، وعلى من يرغب منهم الاشتراك أن يقدم صورة من السجل التجاري أو الترخيص بالنسبة لأصحاب العمل ومن في حكمهم، وعلى العاملين خارج المملكة، إرفاق شهادة مصدقة من القنصلية السعودية أو السفارة بدولة الإقامة، وللعاملين في البعثات الدولية الأجنبية، إرفاق شهادة بمزاولة العمل من الجهة التي يعمل بها، وإرفاق وثيقة العمل الحر في حال اختيار سبب التسجيل عامل حر. هذه الفئات هي التي بوسعها التقدم للاشتراك الاختياري في التأمينات للحصول على مرتب عند التقاعد.
وعند النظر للممارسات في بلدان العالم، ولاسيما في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فيما يتصل بالاشتراكات الاختيارية نجدها تتفاوت تفاوتاً كبيراً من دولة لأخرى، أخذاً بالاعتبار المنافع التي يقدمها الاشتراك الإلزامي في التأمينات من جهة، والحد الأقصى للاشتراك الشهري، والحد الأقصى للمعاش عند التقاعد، فمثلاً في البلدان التي تقدم منافع أعلى عند التقاعد يكون الاقبال على الاشتراك في المنتجات الاختيارية أقل، كما هو الحال في فرنسا وإيطاليا واليابان، والعكس بالعكس كما هو الحال في الولايات المتحدة الامريكية ومنتجها الالزامي 401K والاختياري IRA. أما الحال الراهن عندنا فهو أن الخيارات تكاد أن تكون مفقودة، وبالتالي المرونة. ولابد من الاستدراك بالقول إن بوسع الشخص أن يشترك في أحد البرامج الادخارية المتاحة من خلال المؤسسات المالية المرخصة، لكن السؤال يبقى: لماذا لا تكون كذلك منتجات اختيارية تقاعدية متاحة من خلال التأمينات ليس فقط لمن ليس بوسعه الاشتراك إلزامياً؟
وليس من شك أن الاشتراك الاختياري ضروري لاعتبارات عديدة، لكن هيكلته الحالية هي بطعم“الفانيلا”، في حين أن المجال واسع لتطويره ليقدم خيارات متعددة تغطي احتياجات ورغبات الفئات النشطة في سوق العمل من موظفين وأرباب عمل، على تفاوت حجم نشاطهم وذلك تماشياً مع التوجهات المعاشة للاقتصاد المحلي ولسوق العمل السعودية، من حيث الدور المتنامي ليس فقط للرياديين وملاك الأعمال الصغيرة والمتوسطة، بل كذلك للعاملين في القطاعين العام والخاص مما لهم رغبة في المساهمة باشتراك إضافي“اختياري”تعزيزاً لمعاشهم ولدخلهم عند حلول وقت التقاعد. السؤال: لماذا لا يُقدم لهم النظام هذه الميزة؟ ولماذا يقف الاشتراك الاختياري في التأمينات عند الضروري فقط؟ وإن كان هذا التوقف ملائماً حتى الآن، فمناسب أن ينطلق مجلس الإدارة لإطلاق برامج اختيارية متعددة تستقطب اشتراكات وتغطي احتياجات، وتشير إلى أن منظومة التأمينات الاجتماعية السعودية قد دخلت مرحلة جديدة، من حيث المجال والنطاق.