أحبُ إخواني إلي من أهدى إلي عِيوبِي
الإنسان بشري بطبعه وعاداته وما منا إلا وله عيوب ولكن المشكلة تقبع في أننا لا نلاحظ عيوبنا بعين البصيرة ونحاول على أقل تقدير أخذها بعين الاعتبار ومعالجتها وتفاديها، ولكن بعضاً منا يتجاهلها عن عمد وقصد أو عكس ذلك ليخلق لنفسه وضعا صعبا لا يحسد عليه، مما يصعب تقبله من الآخرين من أفراد ومجتمع، فعلى المقربين منه تنبيهه وتحذيره من هذه السلبيات التي يرتكبها وما وراءها من عواقب هو في غنى عنها، ولكن الجهل مسيطر عليه من دون أن يعيرها أهمية تذكر، وهنا وجب على العقلاء منهم القيام بدورهم الإيجابي الذين يجيدون فن التعامل في معالجة مثل هذه القضايا الشائكة بالتلميح مرة وبالمشافهة مرة أخرى، فهذا ينم عن سلوك أخلاقي رفيع لأنه عندما يوضح له أن فعله هذا غير مستحسن والأفضل له أن يأخذ نصيحة من ينبهه وأن ما قام ويقوم به ينفر الناس ويبعدهم عنه فيعيش حالة انعزالية قاتلة، فعلى الناصحين له وبأسلوب حضاري سلس ومؤدب، يتسم بالمودة والمحبة مناصحته بالتي هي أحسن، فهذا يترك أثرا كبيرا على المتلقي في تقبل النصيحة بتفهم وتعقل والمبادرة منه سريعا بمعالجة عيوبه وتبعاتها وتفاديها حاضرا ومستقبلا.
صدق مولانا وإمامنا الصادق حين قال: أحب إخواني إلي من أهدى إلي عيوبي.
وفي حديث آخر لسيد البلغاء الإمام علي : ليكن آثر الناس عندك من أهدى إليك عيبك، وأعانك على نفسك وعنه : ليكن أحب الناس إليك من هداك إلى مراشدك وكشف لك عن معايبك.
من هنا نستكشف إن أي امرئ مؤمن بذل ويبذل مجهودا كبيرا في كشف عيوب أي منا فله أجر وثواب يشكر عليه لأن هناك حقيقة سلبية ربما كانت غائبة عن أذهاننا ولم نلاحظها، إن من يحبنا حقا فعليه تنبيهنا عليها والإشارة لها.
هنا لا بد من شكره والثناء عليه لأنه نبهنا من نومة الغافلين، لا أن نأخذها بحساسية مفرطة تؤدي إلى عدم التلاقي والتصافي الأخوي، خاصة ونحن على مشارف شهر محرم الحرام، شهر الوعظ والإرشاد والوعي الديني والدنيوي، فعلى علمائنا الأجلاء أخذ الأمر بجدية لتنبيه كل غافل ومتناس.... والله من وراء القصد.