آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

تستخدم الفيلة أطراف خراطيمها للإمساك بالأشياء بدقة عالية، وهو ما يمكن أن يساعد في تصميم روبوتات بمقابض دقيقة للاستخدام في مجالات مختلفة

عدنان أحمد الحاجي *

20 يونيو 2024

بقلم بولين كوستس، طالبة الدكتوراه في المركز الوطني للبحث العلمي / المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي»، جامعة السوربون

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 133 لسنة 2024

Elephants use the tips of their trunks to grasp things with great precision - how this can help robotic design

June 20,2024

Pauline Costes، PhD Candidate at Centre National de la Recherche Scientifique/Muséum national d"Histoire naturelle، Sorbonne Université

يستخدم الفيل خرطومه في الأكل وشرب الماء والتواصل واستكشاف المحيط وصنع الأدوات واستخدامها ويوظفه في السلوك الاجتماعي [المترجم: السلوك الاجتماعي هو سلوك بين كائنين حيين أو أكثر داخل النوع نفسه، ويشمل أي سلوك يؤثر فيه أحد الأعضاء في الآخر [1] ]. الخرطوم، الذي يحتوي على ست مجموعات عضلية، ليس قويًا جدًا فحسب - بل بإمكانه اقتلاع شجرة من جذورها - ومع هذا بالإمكان استخدامه بدقة متناهية. تستخدم الفيلة عددًا من الأساليب للإمساك بالأشياء، بما في ذلك الشفط والقبض «الإمساك بالضغط pinch» بطرفي نهاية الخرطوم التي تشبه ”إصبعين“ وكذلك برم «لف» نهاية الخرطوم نفسه حول شيء ما «انظر الصورتين التاليتين».

الباحث بولين كوستيس Pauline Costes كانت عضوًا في مجموعة من الباحثين الذين أجروا اختبارات على ست إناث من فيلة السافانا الأفريقية في حديقة الحيوان لمعرفة مقدار القوة التي تمارسها أطراف خراطيمها وأي جزء من طرف الخرطوم هو الأقوى. وتشرح بولين كيف ستستخدم هذه النتائج لتحسين قدرة الروبوتات على الإمساك بالأشياء ومناولتها.

حدثينا عن مشروع الدراسة الذي بدأت في العمل عليه ولماذا؟

في هذا المشروع البحثي [2] ، قمنا بدراسة أقصى قوة قبضة يمارسها طرف خرطوم فيلة السافانا الأفريقية. يتكون خرطوم الفيل بشكل أساس من عضلات، وليس للخرطوم هيكلية صلبة «عظمية»، ويحتوي على العديد من الأعصاب، مما يمنحه قوة هائلة ودقة وحساسية.

وقد قامت دراسات سابقة بقياس قوة الخرطوم بأكمله عندما تقوم الفيلة بلفه حول أحد الأشياء. ركزنا على مدى قوة نهاية طرف الخرطوم. تتكون نهاية طرف خرطوم الفيل من نتوءين يشبهان الإصبع: واحدة مدببة في الأعلى والأخرى أكثر استدارة وأقصر في الأسفل. لقد درسنا أيضًا كيف يؤثر موضع الخرطوم في القوة التي يمارسها «يضغط بها» الفيل على الأشياء.

مهندسو الإلكترونيات الذين يصممون روبوتات فد حاولوا تقليد المرونة والطريقة التي يمكن أن تلوي «تثني أو تبرم أو تلف» بها الأنسجة البيولوجية الطبيعية «كما في خرطوم الفيل» عندما تؤدي مهام مختلفة. يُعرف هذا بالتكنولوجيا المستوحاة من الحياة البيولوجية. على مدى السنوات العشرين الماضية، كان خرطوم الفيل مصدر إلهام لهذه الدراسات، وخاصة في مجال الروبوتات الخاصة بالإمساك والتناول.

يهدف بحثنا إلى معرفة مدى قوة قبضة «إمساك» نهاية الخرطوم. هذا النوع من الإمساك يتيح التقاط الأشياء الصغيرة بدقة عالية. وهذا مفيد بشكل خاص في مجال الروبوتات المرنة، والتي تركز على تصميم وتصنيع الروبوتات باستخدام مواد مرنة وقابلة للطي، مستوحاة من البيولوجيا الطبيعية.

ما هي النتائج الرئيسة التي توصلت إليها؟

قمنا بقياس قوة قبضة قصوى تبلغ 86,4 نيوتن لطرف «نهاية» الخرطوم. النيوتن، هي الوحدة العالمية لقياس القوة وهي تساوي القوة التي تعطي كتلة مقدارها كيلوغرام واحد تسارعًا قدره متر واحد في الثانية المربعة. وبالمقارنة، فإن الحد الأقصى لقوة القبض بين الإبهام والسبابة لدى البشر يتراوح بين 49 و68 نيوتن.

قوة الضغط «المسك» بين الإبهام والسبابة

لقد وجدنا أن نهاية الخرطوم تُستخدم للإمساك بالأشياء بدقة عالية ولكن بدون قوة كبيرة. هذه معلومات مفيدة لتطوير مقابض الإمساك المرنة في الروبوتات في المستقبل. لابد أن تكون بعض الروبوتات قادرة على الإمساك بالأشياء لو أرادت القيام بأنشطة روتينية. تعتبر المقابض المرنة - الأداة الموجودة في نهاية ذراع الروبوت - أهم عنصر في عملية الإمساك.

المقابض المرنة المستلهمة من خرطوم الفيل [3]  تكيفت أيضًا مع البيئات المزدحمة «الفوضوية» وغير المتوقعة وذلك من خلال إعادة طي نفسها. بمعنى آخر، تقوم بتكييف أجسامها المرنة مع الأشياء والأجسام التي تتعامل معها وتتناولها.

مواصلة الأبحاث يعني التوصل إلى صنع مقابض روبوتية أفضل. فيما يلي بعض الأمثلة عن المجالات التي تستخدم فيها مقابض الروبوتات المرنة:

الطب: استخدام الروبوتات في العمليات الجراحية البسيطة.

الصناعة: مناولة الأشياء الهشة والقابلة للكسر أو غير منتظمة الشكل على خطوط الإنتاج.

البحث والاستكشاف: تطوير روبوتات قادرة على التنقل في البيئات الصعبة أو التي لا يمكن الدخول فيها بشيء آخر.

الزراعة: حصد الفواكه والخضروات الحساسة دون الإضرار بها.

ووجدنا أيضًا اختلافًا في القوة بين "جانبي نهاية خرطوم الفيل التي تشبه إصبعين. وهذا لم تتم دراسته من قبل.

كيف اكتشفت ذلك؟

لقد صنعنا جهازًا لقياس قوة ضغط قبضة نهاية خرطوم الفيل. هذا الجهاز كان عبارة عن صندوق مزود بجهازي استشعار للقوة متصلين بجهاز إلكتروني. يسجل الجهاز قوة القبضة لنهاية خرطوم الفيل ويطلق تلقائيًا تفاحة كمكافأة للفيل.

تُطلق التفاحة عندما يتمكن الفيل من القبض عليها بقوة كافية تتجاوز عتبة محددة مسبقًا. ثم كان على الخرطوم أن يقبض بقوة أكبر في المرة التالية لإطلاق التفاحة التالية. وتكررت تلم المحاولة حتى وصلت الفيلة إلى أقصى قوة يمكنها ممارستها.

صورة التجربة [4] 

وبوضع أجهزة استشعار بشكل عمودي ثم أفقي على الصندوق، تمكنا من ملاحظ كيف تمسك بها الفيلة في هذين الاتجاهين المختلفين. لقد أثبت لنا هذا كيف يؤثر موضع الخرطوم في القوة التي يمارسها.

ما مدى فائدة هذه الدراسة للفيلة؟

كانت الفائدة المباشرة الأولى هي ابقاء الفيلة الأسيرة «في حدائق الحيوانات» نشطة من خلال أنشطة التعزيز هذه.

بحثت دراستان [5]  أيضًا في كيف تختلف أساليب الإمساك بالخرطوم بين مجموعات مختلفة من الفيلة تعيش في العديد من الموائل وفي علاقة ذلك مع كثافة وحجم الغطاء النباتي. هذه المعرفة الجديدة مفيدة للحفاظ على الفيلة من الانقراض، حيث تساعد الباحثين على معرفة كيف سيؤثر تغير المناخ، الذي يغير موائل الفيلة، في سلوكها الغذائي.