آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 12:18 م

هكذا أمضي

سوزان آل حمود *

ما منا من أحد إلا وقد أُعطي أشياء وحُرم من أُخرى، هذه الدنيا لا تكتمل لأحد، ولكننا نحسبها كذلك، وكلٌّ منا يعتقد أن امتحان الآخرين أسهل من امتحانه!

المواقف تكشف الناس، فلا تحكم على إنسان من كلامه، الناس مثاليون حين يتحدثون.

الحياة البشرية هي مزيج من الفرح والحزن، السعادة والتعاسة. هذه التناقضات هي جزء لا يتجزأ من مسيرة الإنسان على هذه الأرض. لا يمكن أن نتصور حياة خالية من التقلبات والتغيرات؛ فالفرح والحزن، السعادة والتعاسة هي أمور طبيعية تؤثر على كل إنسان على مر الأيام والسنين.

فالفرح والسعادة يأتيان عندما يحقق الإنسان أهدافه، ينال ما يتمناه، ويلقى النجاح والتقدير. أما الحزن والتعاسة فتأتي عندما يواجه الإنسان الفشل، الخيبة، الفقد والألم. هذه التناوبات بين الحالات النفسية المختلفة هي ما تجعل الحياة ذات معنى وقيمة.

على الرغم من تقلبات الحياة وتناوب الفرح والحزن، السعادة والتعاسة، فإن الحياة تستمر بشكل دائم. فالأيام تتعاقب والسنون تمر، ولا يوجد إنسان يمر بحياته دون أن يذوق طعم المرارة والحلاوة على السواء.

ولكن المؤمن الذي يثق بالله ويؤمن بأن ”مع العسر يسرا“ يدرك أن المر سيمر وأن الغد سيكون أجمل. فالصبر والتحمل في وجه الشدائد والابتلاءات هي طريق لتحقيق السعادة والرضا النفسي. وبهذه الثقة والإيمان، يستطيع الإنسان أن يتجاوز محن الحياة والوصول إلى بر الأمان.

إن لم تكن حنونًا في الخطأ ما فائدة حنانك والدنيا صحيحة، وإن لم تراعي في الحزن ما فائدة مراعاتك والآخر سعيد، إن لم تتفهم ثورات الغضب والعتاب والغيرة فما فائدة فهمك للتجاوز والعالم هادئ وساكن، الإنسان أكثر ما يحتاجه إنسانًا يكون كفء في أوقاته الصعبة، أما في الرخاء الجميع يصبح ذلك.

لكي تكون الحياة رائعة وممتعة، لا بد من التنويع والتوازن بين الأحداث المرة والأحداث الحلوة. فالإنسان لا يستطيع أن يستمتع بحلاوة الحياة إذا لم يذق طعم المرارة من قبل.

هكذا يمضي الإنسان حياته ما بين التناوب والتباين بين الفرح والحزن، النجاح والفشل، الصحة والمرض، هو ما يجعل الإنسان قادرًا على تقدير نعم الله عليه ويجعله أكثر صبرًا وحكمة. فالحياة التي تخلو من أي نوع من أنواع التحديات والصعوبات ستصبح رتيبة ومملة، ولن تحقق للإنسان الإشباع والسعادة الحقيقية.

لذلك، علينا أن ندرك أن التناوب بين المر والحلو هو ما يجعل الحياة رائعة وممتعة، ويساعدنا على التمتع بحلاوتها بشكل أعمق وأكثر إشباعًا.

ختاما

نتوه مع الدنيا وطُرقها، نتقدم لنُغير الأحوال، نجهل الأقدار، فاللهم اجعل ما نمضي إليه أجمل مما مضى.

فكلّ مكانٍ عبدتَ الله فيه، سيشهد لكَ! كلّ مكانٍ عصيتَ الله فيه، سيشهدُ عليكَ! فأكثِرْ شهودكَ!