كلامكم نور... الإمام محمد الجواد (ع)
قد نبحث عن كلمات مضيئة، كلمات تبعث الحياة، وتشرق بها النفوس، نبحث عن كلمات خالدة لشخصيات عالمية بهدف إرسالها للأصدقاء، لتكون كلمة صباحية أو حكمة صباحية نافعة.
وفي تراثنا الإسلامي نجد العديد من الحكم والوصايا الخالدة التي تهدي الإنسان للطريق الحق، وتبعث في نفسه الطمأنينة والسكينة... كلمات أهل البيت هي نور وهداية، هي فكر وإرشاد، هي صلاح وإصلاح.
وفي سيرة الإمام الجواد العديد من الكلمات المؤثرة، والتي ينبغي أن تحفظ وتنشر بين الناس لتكون كلمات ولائية نورانية، تهدف لبناء عقلية الإنسان بحكم الحياة.
ومن كلماته اخترت لكم هذه الكلمات مع بعض التأملات:
هناك بعض الشخصيات تعيش حالة من التناقض فهي شخصية ملتزم دينياً وأخلاقياً، ويمكن أن يطلق عليه البعض بأنه ”ولي من أولياء الله“ ولكن كل هذه السلوكيات هي في العلانية، بينما هو عدو لله في الخلوات بعيداً عن أنظار الناس.
لذلك قال الإمام محمد بن علي الجواد : ”لَا تَكُنْ وَلِيّاً لِلَّهِ فِي الْعَلَانِيَةِ عَدُوّاً لَهُ فِي السِّرِّ“ [1]
من هنا، ينبغي للإنسان أن يكون الصادق في علاقته بالله، بحيث تلتقي علانيته بسرّه فلا تنفصل عنها، وأن يعيش حالة المراقبة لأعماله وأن يكون على حد سواء في السر والعلانية.
قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: آية 40,41].
لا يمكنك أن تكمل طريق النجاح ما لم تقاوم هوى النفس، ومجرد الاستسلام لهوى النفس فإنك ستبدأ منحدر السقوط، لذلك كان التحذير من إطاعة الهوى حيث يقول الإمام محمد بن علي الجواد : ”مَنْ أَطَاعَ هَوَاهُ، أَعْطَى عَدُوَّهُ مُنَاهُ“ [2]
ولا يمكن مخالفة الهوى إلا إذا فعلنا دور العقل كما يقول الإمام علي : ”استرشد العقل وخالف الهوى تنجح“ [3] .
إن مسألة اختيار الصاحب لا بد أن تخضع لدراسة دقيقة في المواصفات التي يتمتع بها في أخلاقياته الاجتماعية، لأن للصاحب تأثيراً نفسياً وروحياً وأخلاقياً على صاحبه بفعل العلاقة الحميمة التي تجعله ينجذب إليه فيتأثر به لا شعورياً، ولذلك على الإنسان تجنب مصاحبة مجموعة من الناس ممن يحملون صفات سلبية كما ورد في كلمة الامام محمد بن علي الجواد : ”إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الشَّرِيرِ، فَإِنَّهُ كَالسَّيْفِ الْمَسْلُولِ، يَحْسُنُ مَنْظَرُهُ وَ يَقْبُحُ أَثَرُهُ“ [4]
فيجتنب الشرير الذي قد يعجبك مظهره ويزعجك مخبره ويقبح أثره، كما هو السيف في لمعانه الذي يجذب النظر ولكنه يقتلك بحدّه عندما يضربك.
وتذكر أن الصديق الذي ترافقه يكتب معك حاضرك ومستقبلك.
كل منا يرغب أن تكون شخصيته محبوبة بين الناس، وأن يكون له تأثير إيجابي بين الناس، أي أن تكون له جاذبية اجتماعية، وإن أفضل وصفة تربوية للحصول على هذه الصفة هي ما ذكره الإمام الجواد حيث قال : ”ثلاث خصال تجلب بهن المودة - المحبة -: الإنصاف في المعاشرة؛ والمواساة في الشدة؛ والانطواء على قلب سليم [5] “.
من يمتلك هذه الصفات فإنه يمتلك الشخصية الجاذبة وليس المنفرة.
قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: آية 7].
هذا وعد إلهي «بالشكر تزداد النعم»، ولكن بالشكر العملي وليس اللفظي فقط، أي أن نعلم الهدف من منحنا للنعمة، وفي أيّ مورد نصرفها، وإلاّ كفرنا بها.
وقد ورد قال الإمام محمد بن علي الجواد : ”مَا شَكَرَ اللَّهَ أَحَدٌ عَلَى نِعْمَةٍ أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ إِلَّا اسْتَوْجَبَ بِذَلِكَ الْمَزِيدَ قَبْلَ أَنْ يُظْهِرَ عَلَى لِسَانِهِ“ [6] .
شكر نعمة العلم: نشره وتعليمه.
شكر نعمة المال: التصدق على المحتاجين.
شكر نعمة المكانة الاجتماعية: قضاء حوائج المحتاجين.
وهكذا فإن الشكر يجب أن يتجاوز الأقوال إلى الأفعال.