مَن هو ”المثقف“؟
لا غروَ أن شمس الثقافة تنير المجتمعات، وتبدد سحب الجهل ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا. دون وجود ”المثقف“ فلا مفرّ من التيه في أنفاق الجهل ومتاهات التخلّف. كل الناس مثقفون بشكل أو آخر؛ لأن كلّ من يفكر فهو مثقف كما قال الكاتب السوريّ حسين العودات.
وقد قسم المناضل الماركسي أنطونيو غرامشي للمثقف إلى صنفين: ”عضوي“ ينحاز لطبقة الشعب ويتمتع بحس من المسؤولية تجاه مجتمعه ويحمل همومهم، وآخر على النقيض تمامًا = ”تقليدي“.
الإنسان الذي يتحلّى بسعة الصدر والأفق حين يعالج الأفكار، ويحمل على عاتقه رسالة التغيير، ويدافع عن تلكم الأفكار والمبادئ التي يعتقد بها هو إنسان مثقف.
شخصيًا أجد أن المثقف في عصرنا هذا يجب أن يتحلى أو ينمي حالة ”الوعي“ داخله. الوعي الذي يدفعه للاقتراب من أبناء مجتمعه، والإصغاء إليهم. خلافًا للمثقف التقليدي فالمثقف الواعي هو من ينفض الغبار عن كتبه وأبحاثه، ويقدمها للباحثين، ولا يخشى أبدًا أن تطالها يد الناقد، ومن يخشى ذلك فهو منتحل للثقافة.
ينفي البعض وجود ”مثقف تقليدي“، وأن الشخص الذي يكتفي بالقراءة والكتابة دون أن يعي ويستوعب ما يقرأه، وما يدور حوله فهو بعيد عن الثقافة. إننا نعيش في زمن ”مجانيّة المعرفة“ إن صح التعبير -، وسهولة الوصول إلى المعلومة، وقد أضحت الأكاذيب تنطلي على الجماهير، وباتت الكلمة تفرض على قائلها دفع ثمن باهظ إن لم يحرص على صون الحقيقة من الضياع.
المثقف لا يكتفي بالتفكير فحسب، بل يعمل على إيصال ما يفكر فيه إلى الآخرين حوله، فهو يؤثر بشكل أو آخر في الأفراد. أجَلْ، لا مفر للمثقف من الاشتغال بالقضايا المصيرية للإنسانية.