آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 3:45 م

اللغة ذلك المجهول الذي يهتم الناس بالكشف عنه

عدنان أحمد الحاجي *

2 مارس 2020

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 106 لسنة 2024

Language - the big unknown

March 2,2020

نحن ندردش ونستمع ونناقش ونكتب ونفكر ونصيغ عبارات ونعبر عن أفكارنا طوال اليوم. ومع ذلك، لا يُعرف سوى القليل حتى الآن عن هذه القدرة الطبيعية التي لا تزال معقدة بشكل بالغ

اللغة هي أداتنا اليومية. ندردش ونستمع ونناقش ونكتب ونفكر ونصيغ العبارات ونعبر عن أفكارنا بدقة وعناية طوال اليوم. ومع ذلك، لا يُعرف سوى القليل حتى الآن عن هذه القدرة الطبيعية التي لا تزال معقدة بشكل بالغ. ما هو أفضل معدل السرعة للكلام حتى يتمكن الطرف الآخر من أن يسمع ويستوعب أكبر قدر من المحتوى؟ لماذا تشكلت اللغة هكذا كما هي؟ وماذا يحدث لو تضررت إحدى مناطق الدماغ المهمة الخاصة باللغة؟ حاولت مجموعتان بحثيتان جديدتان في معهد ماكس بلانك للعلوم المعرفية والدماغية البشرية «MPI CBS» تناول هذه الأسئلة - لإضفاء المزيد من الوضوح على هذه القدرة البشرية الفريدة.

كلنا يعرف ذلك: المرء عادة يتكلم بسرعة دون أن يستخدم أي نقطة أو فاصلة بين عباراته أو جمله ويقدم الكثير من المعلومات في وقت قصير جدًا. في الوقت نفسه، لا يمكننا أن نتحمل عندما يتحدث أحد الأشخاص ببطء ويتحدث بمحتوى أقل من اللازم. يبدو أن هناك إيقاعًا «سرعة الكلام» معينًا يستنبط منه الدماغ المعلومات. يتطلع لارس ماير Lars Meyer ومجموعته البحثية إلى البحث عن دورة اللغة هذه.

تعتمد أفكار الفريق البحثي على النتائج الكلاسيكية للبحث السلوكي: الكلمات التي تُسمع خلال فترة معينة تكون مرتبطة ببعضها البعض بشكل أقرب بكثير من تلك الكلمات التي تظهر قبلها أو بعدها. ويفترض الباحثون أن هذه العلاقات تعزى إلى إيقاع عمل معين في الدماغ.

ويصبح هذا واضحًا في الجمل الغامضة [حمالة وجوه] التي لها معانٍ مختلفة اعتمادًا على مدى ارتباط الكلمات فيها ببعضها. مثال ”الرجل يرى المرأة ب؟ / مع؟ / التي تحمل؟ المنظار [المترجم: ربما الجملة بلغتها الإنجليزية هي أكثر دلالة من ترجمتها بالعربية: The man sees the woman with binoculars“]“ يمكن تفسيرها بطريقتين. من كان لديه المنظار - الرجل أم المرأة؟ معظم الناس يقولون أن من كان لديه المنظار هو الرجل. شكوك مايرز أن عبارة ”الرجل يرى المرأة“ نُطقت خلال نفس فترة معالجة العبارة الزمنية. كلمة ”منظار“ وقعت بعد عبارة الرجل يرى المرأة. لذلك لا ترتبط مفردة ”المرأة“ ب ”المنظار“. وهذا ليس بسبب قطع الكلام أو أي نبر لغوي آخر [إبراز الصوت على مقطع من الكلمة.]. المستمعون يفصلون هذه الجملة حتى في هذه المقاطع عندما تُمثل بترتيب رتيب صوتيًا. ومن ثم، فإن الدماغ ينظم اللغة ليس بسبب محفز صوتي، بل بشكل مستقل.

الدماغ ضابط إيقاع

لماذا هذه الفترات الزمنية؟ ”الخاصية الفيزيولوجيا الكهربية لدماغنا خاصية دورية [أي غير مستمرة]. يقول لارس ماير:“ خلايانا العصبية لا تلتقط المعلومات كتيار مستمر من البيانات، بل كحصص متتالية". فترة الدورة تحدد وفقًا لطول فترات هذه الحصص.

ما لا نعرفه حتى الآن: ما مدى قدرة الدماغ على المعالجة داخل كل وحدة [ك الكلمات والعبارات والجمل]، وما المحتوى الذي يُلتقط بكفاءة خاصة؟ في كل دورة معالجة هناك كميات مختلفة من المعلومات بناءً على طول الكلمات وعددها. علاوة على ذلك، هل تنطبق هذه الفترات الزمنية على كل لغة على وجه الأرض؟ هل هذا هو السبب وراء تجميع المعلومات من الروسية إلى اليابانية في وحدات أكبر، ك الكلمات والعبارات والجمل؟

يرغب الباحثون في اكتشاف هذه العلاقات باستخدام تخطيط مغناطيسية الدماغ. يستمع المشاركون في الدراسة، المترجمة إلى 25 لغة، إلى رواية ”الأمير الصغير للكاتب الفرنسي أنطوان دو سانت أكزوبيري“ بلغتهم الأم ويشيرون عند النقطة التي تنتهي فيها وحدة تخزين المعلومات [المعروفة ب بت bit].

يقول ماير: ”يمكن أن تساعد هذه النتائج في تحسين الكتب الصوتية وبرامج تعلم اللغة أو حتى الدروس في المدارس أو الجامعات إلى المستوى الأفضل“. لو كنا نعرف مدى ما تمثله اللغة لنتمكن من تحقيق أقصى استفادة منها، سنتمكن من تصميم التعلم بشكل أكثر كفاءة.

عندما تقصر اللغة فجأة عن القيام بوظيفتها

يلعب التعلم أيضًا دورًا حاسمًا في الدراسات التي تجريها البرفسور جيسا هارتويغسن Gesa Hartwigsen من معهد ماكس بلانك. لكن الأمر لا يتعلق باستيعاب أكبر قدر من المحتوى بدلًا من إعادة تعلم اللغة مرة أخرى كأداة فعلية عندما تقصر فجأة بعد الإصابة بسكتة دماغية أو وقوع حادث عن القيام بوظيفتها. مجموعتها البحثية ”الإدراك واللدونة الدماغية“ على استعداد للكشف عما يحدث في الدماغ عندما تتضرر مناطق اللغة وكيف تحاول إصلاح هذا الضرر. في بعض الحالات يمكن للمصاب أن يستعيد لغته بشكل كامل تقريبًا.