آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 11:37 م

لا تكن ساذجًا بثقة عمياء وحسن نية مطلقة

سلمان العنكي

جرت العادة في المجتمعات عامة ومجتمعنا بشكل خاص أن أفرادًا من المواطنين والمقيمين ومن الخارج يقدمون خدمات إنهائية للآخرين، بعضها غير نظامية، وهذه جريمة يتحمل وزرها جميع الأطراف المشاركة فيها ويعاقب عليها نظامًا، بمقابل مالي. يعملون إما بتصريح رسمي من مكتب مرخص معروف العنوان، أو وهمي دون ترخيص باسم محامٍ، أو عقاري، أو معقب لدى الدوائر الحكومية، أو محصل ديون، ما أسرع أن يختفي بعد عدة عمليات، وآخر مجهول المكان باستخدام المواقع الإلكترونية والهواتف النقالة. ما يهمنا في الأمر عدم التعامل أو التجاوب معهم بسذاجة وثقة عمياء وحسن نية مطلقة دون خلفية عن صدقهم وإنجازاتهم السابقة، بل يجب أخذ الحيطة واستشارة من يوثق به من أهل الخبرة والمتعاملين لمن تجهل سيرته وأساليبه الماكرة حتى لا يبوء المتعامل في النهاية بالخسران على حين غفلة أو يقع تحت المساءلة فيما قدِم عليه من عمل خاطئ. كلمة ”ما كنت أعلم“ لا تغني شيئًا. بعضهم احترف النصب والاحتيال من أوسع أبوابه لتكرار ممارسته من حيث لا يشعر الآخرون. ولا تقل لن أُغلب يا هامان خلفك فرعون. من هنا يجب الالتفات إلى:

أولًا: لا تنخدع بلباس ومكتب وسيارة ولسان. الهندام الأنيق والمكان الفاخر والمركبة الفارهة والمنطق سحبان وائل كلها أدوات شيطانية ساحرة مغرية اعتادها المحتالون للقبض على الزبون وتقييده ثم تلبية مطالبهم دون تردد أو تفكر في عواقب ما هو خافٍ عليه. فاحذر أن تقع في الشباك المنصوب الذي ظاهره ورود منثورة وباطنه أشواك مسمومة، لا تشم الريح الطيب ولا تسلم من الشوك المؤذي ولا بعدها من يعالج جراحك.

ثانيًا: السؤال عن المقدرة على إنجاز المطلوب. لا تغامر بمالك وأعمالك، تعطيه وثائقك، تأمنه على أسرارك، قد تكون ضحية تحتاج من يخلصك. ابحث وتأكد قبل كل شيء، لا تصدق الشائعات وما يتداوله الناس، أكثرهم يقول عن غير علم وتوثيق، حتى لا تلف الحبل حول عنقك من حيث لا تدري. بعد التحري، اتخذ القرار الصائب. المسألة لا تقف عند حد الخسارة وحسب، ولكن ترتقي إلى جريمة ارتكبتها على حين غرة بسبب جهلك وهم خارجون منها بحكم الزمن. أيضًا، فيهم من ينهي صغار القضايا ويقصر عن كبارها، فلا تعطيه فوق حجمه.

ثالثًا: تسليم التكاليف المالية. من علامات المحتال أن يطلب منك دفع المبلغ المتفق عليه أو تحويله إلى حساب بنكي باسم شخص آخر لا تعرفه ودون أن تراه أو تكلمه. هنا قمة الغباء الفاحش أن نفذت هذا لأسباب:

«أ» حتى لا تثبت عليه استلامه في حالة لم يكمل المهمة المعنية، فلا حجة لك بطلب إعادة ما دفعت، وقول حولته لفلان بأمره لا ينفعك، وما يدريك أن المحول إليه مثله، يدعي هو الآخر فيما بعد دين عليك أعدته لأن الإثبات هنا يقع على كاهلك.

«ب» هذه الطريقة لا يستبعد تدخلك في عملية غسيل أموال أو تجارة مخدرات أو تمويل إرهاب، لو اتضح فيما بعد أن من حولت له من أرباب السوابق، مشبوه السيرة، مطلوب أمنيًا، مراقباً، فتكون إحدى ضحاياه.

«ج» ربما صاحبك مبيت نية سيئة بمطالبتك مرة ثانية في حال إنهاء المطلوب بدعوى لم تسلمه مستحقه، ينكر تحويلك، ما أمرك ولا يعنيه ذلك، لا علاقة له به، لا يعرفه، فتصبح وقتها في الشتات بين الاثنين. احكم تصرفاتك واحصرها مع من تتعامل أو الترك أسلم.

آمل من مجتمعي المسالم أن تكون حساباته صحيحة، يتصرف بحكمة، لا يقع فريسة سهلة ولقمة سائغة في أفواه المحتالين من وحوش البشر. إضاعة مال وفقدان مستندات أو مساومة باهظة الثمن لإعادتها، وربما إلى المحاكم وإيداع البريء السجن من غير ذنب والمجرم يتنعم ضاحكًا. وأخيرًا نقول «القانون لا يحمي المغفلين». كونوا واعين منتبهين.