لقد ازداد عدد ”غير المنتمين إلى أي دين“ بينما لم يزدد عدد الملحدين - كباحثين في علم الاجتماع أردنا أن نعرف لماذا
بقلم كريستوفر شيتلغ وكاتي كوركوران، أستاذان مشاركان في علم الاجتماع، جامعة وست فرجينيا
6 مايو 2024
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 100 لسنة 2024
The number of religious “nones” has soared، but not the number of atheists - and as social scientists، we wanted to know why
Christopher P. Scheitle Associate Professor of Sociology، West Virginia University
Katie Corcoran Associate Professor of Sociology، West Virginia University
May 6,2024
عدد الأفراد في الولايات المتحدة الذين لا ينتمون إلى أي دين شهد تزايداً هائلاً في الأعوام الأخيرة، وأصبح عدد ”غير المنتمين إلى أي دين «غير المنتمين دينيًاي [1] “ الآن أعلى من أي مجموعة دينية معينة. وفقًا للمسح الاستقصائي الاجتماعي العام، كان غير المنتمين دينيًا يمثلون حوالي 5٪ فقط من سكان الولايات المتحدة في السبعينيات. وبدأت هذه النسبة في الارتفاع في التسعينيات لتصل اليوم إلى حوالي 30%.
للوهلة الأولى، قد يفترض البعض أن هذا يعني أن ما يقرب من ثلث الأمريكيين ملحدون، لكن هذا أبعد من أن يكون من الحقيقة في شيء. في الواقع، حوالي 4٪ فقط من الراشدين [المترجم: الرشد هو من حيث السن فقط وهو من بلغ 20 سنة وأكبر، بحسب التعريف] في الولايات المتحدة يعتبرون ملحدين [2] .
باعتبارنا علماء اجتماع يجرون دراسات على الأديان في الولايات المتحدة، أردنا معرفة المزيد عن الفجوة بين هذه النسب ولماذا يعتبر بعض الأشخاص أنفسهم ملحدين بينما لا يُعتبر آخرون غير منتسبين دينيًا أنهم ملحدون.
الكثير من الفروقات البسيطة ”لغير المنتمين دينيًا“
أما غير المنتمين دينياً فهم مجموعة متنوعة. البعض يحضرون أماكن العبادة، ويقولون إنهم متدينون إلى حد ما على الأقل، ويعبرون عن مستوى معين من الإيمان بالله - على الرغم من أنهم يقومون بهذه الأشياء بوتيرة أقل من الذين ينتمون إلى دين من الأديان [2] .
بل إن هناك تنوعًا في كيف يعرِّف غير المنتمين دينيًا انتماءهم الديني. عندما سُئلوا عن دينهم خلال المسوح الاستطلاعية، كانت من ضمن إجابات غير المنتمين دينيًا ”ألاأدرية «الأغنوستية» [3] “، ”لا أنتمي إلى أي دين“، ”لا أنتمي إلى دين معين على وجه الخصوص“، ”غير منتمٍ دينيًا“ وما إلى ذلك من الاجابات.
فقط حوالي 17% من غير المنتمين دينيًا يعتبرون أنفسهم صراحةً على أنهم ”ملحدون“ في الاستطلاعات [2] . في أغلب الأحيان، يرفض الملحدون الدين والمفاهيم الدينية بشكل أكثر مباشرةً من الآخرين غير المنتمين إلى أي دين [4] .
بحثنا الأخير يتناول سؤالين يتعلقان بالإلحاد. أولاً، ما الذي يجعل الفرد أكثر أو أقل احتمالًا لاعتبار نفسه بأنه ملحد [5] ؟ ثانياً، ما الذي يجعل الشخص أكثر أو أقل احتمالاً لتبني رؤية كونية إلحادية بمرور الزمن [المترجم: قد يعني ببلوغه سن الرشد كما سنرى لاحقًا] [6] ؟ [المترجم: راجع تعريف الرؤية الكونية [7] ].
ما وراء الإيمان - وما وراء الكفر
خذ في الاعتبار السؤال الأول: مَن مِن المحتمل أن يعتبر نفسه ملحدًا؟ للإجابة على هذا السؤال، نحتاج أيضًا إلى أخذ معنى الإلحاد في الاعتبار في المقام الأول.
لا تصر جميع التقاليد الدينية «التعاليم والممارسات الدينية [8] » على الإيمان بالإله. ومع ذلك، في إطار الولايات المتحدة، وخاصة في التقاليد الدينية، مثل المسيحية، غالبًا ما يُعادل الإلحاد بالقول بأن الملحد هو من لا يؤمن بالله. ومع ذلك، وجدنا في أحد استطلاعاتنا أنه من بين الراشدين الأمريكيين من يقول ”أنا لا أؤمن بالله“، نصف هؤلاء فقط سيختارون اعتبار أنفسهم ”ملحدين“ حين يُسألون عن هويتهم الدينية [9] .
وبعبارة أخرى، فإن رفض الإيمان بالله ليس بأي حال من الأحوال شرطًا كافيًا لتعريف الشخص نفسه بأنه ملحد. فلماذا يعتبر بعض الأفراد الذين لا يؤمنون بالله أنفسهم ملحدين بينما لا يعتبر ذلك آخرون؟
وجدت دراستنا [5] أن هناك عددًا من القوى الاجتماعية الأخرى مقترنة باحتمال وجود شخص يعتبر نفسه ملحدًا، بما يتجاوز عدم إيمانه بالله - وخاصة بما يتجاوز وصمه بتلك الصفة الإلحادية.
ينظر العديد من الأميركيين إلى الملحدين بعين الشك والإزدراء [10] . ومن الجدير بالذكر أن بعض استطلاعات العلوم الاجتماعية في الولايات المتحدة تتضمن أسئلة تطرح عن مدى تسامح الناس مع الملحدين [11] بالتوازي مع أسئلة حول تسامحهم مع العنصريين والشيوعيين [12] .
هذه الوصمة تعني أن كون الشخص ملحدًا له تكاليف اجتماعية ممكنة، خاصة في مجتمعات معينة. لاحظنا أن هذه الديناميكية برزت في بياناتنا.
المحافظون السياسيون [13] ، على سبيل المثال، هم أقل احتمالًا لاعتبار أنفسهم ملحدين حتى لو كانوا لا يؤمنون بالله. ما يقل قليلاً عن 39% من الذين يعتبرون أنفسهم ”محافظين متطرفين“ ممن يقولون إنهم لا يؤمنون بالله يعتبرون أنفسهم ملحدين. وهذا بالمقارنة مع 72% من الذين يعتبرون أنفسهم ”ليبراليين متطرفين“ ممن يقولون إنهم لا يؤمنون بالله.
نحن نرى أن هذا على الأرجح هو نتيجة لوجهات نظر سلبية عامة للملحدين في الدوائر المحافظة سياسيًا [10] .
اعتناق الإلحاد
ومع ذلك، فإن القول بأن الشخص لا يؤمن بالله هو أقوى عامل تنبؤ على اعتباره ملحدًا. يقودنا هذا إلى سؤالنا البحثي الثاني: ما هي العوامل التي تجعل الشخص أكثر أو أقل احتمالًا لفقدان إيمانه بالله بمرور الزمن؟
وفي دراسة ثانية قائمة على المسح الاسقصائي، من عينة تمثيلية مختلفة لما يقرب من 10 آلاف راشد أمريكي، وجدنا أن حوالي 6٪ من الأفراد الذين ذكروا أن لديهم مستوى ما من الإيمان بالله في سن ال 16 عامًا انتقلوا إلى القول ”أنا لا أؤمن بالله،“ "بعد أن أصبحوا في مرحلة الرشد.
من يصنف في هذه المجموعة ليس عشوائيا.
ووجد تحليلنا، وربما ليس من المستغرب، أنه كلما كان إيمان الفرد بالله أقوى في سن 16 عامًا، قل احتمال اعتناقه لرؤية كونية إلحادية [8] كشخص راشد. على سبيل المثال، أقل من 2%، من الذين قالوا ”كنا نعرف أن الله موجود بالفعل ولم يكن لدينا أي شك في ذلك“ كمراهقين، تبنوا رؤية كونية إلحادية في وقت لاحق [في مرحلة الرشد]. هذا بالمقارنة مع أكثر من 20% ممن قالوا ”لم نكن نعرف ما إذا كان هناك إله ولم نؤمن بوجود أي طريقة لمعرفة ذلك“ عندما كانوا في سن السادسة عشرة.
ومع ذلك، يكشف تحليلنا أن هناك عدة عوامل أخرى تجعل المرء أكثر أو أقل احتمالًا لاعتناق رؤية كونية إلحادية.
بغض النظر عن مدى قوة إيمانهم في سن المراهقة، على سبيل المثال، الأمريكيون السود والآسيويون والأسبان كانوا أقل احتمالًا من البيض لاعتبار أنفسهم لاحقًا على أنهم ملحدين. ومع تساوي كل العوامل الأخرى، فإن احتمالات اعتناق الأفراد في هذه المجموعات لرؤية كونية إلحادية كانت أقل بحوالي 50% إلى 75% من احتمال اعتناق البيض لهذه الرؤية الكونية الإلحادية. قد يكون هذا جزئيًا نتاجًا لأن المجموعات التي تواجه بالفعل وصمة مرتبطة بعرقها أو أصلها الأثني تكون أقل قدرة أو استعدادًا لتحمل التكاليف الاجتماعية الإضافية لكونها ملحدة.
ومن ناحية أخرى، نجد أن الراشدين ذوي الدخل العالي - بغض النظر عن مدى قوة إيمانهم في سن السادسة عشرة - هم أكثر احتمالًا لتبني موقف أنهم لا يؤمنون بالله [6] . وكل زيادة في مستوى الدخل على مقياس مكون من 11 نقطة تزيد من احتمالات تبني وجهة نظر كونية إلحادية بنحو 5%.
يمكن أن يكون هذا بمثابة دخل يوفر حاجزًا ضد أي وصمة لها علاقة بتبني رؤية كونية إلحادية. امتلاك دخل عالٍ، على سبيل المثال، قد يوفر الموارد اللازمة للفرد لتجنب الدوائر الاجتماعية [المتكونة من شخصين أو أكثر بينهم علاقة ويتشاركون في الخصائص والاهتمامات] والمواقف بحيث لو كان الشخص ملحدًا يتعرض لمعاملة سلبية.
ومع ذلك، قد يكون هناك تفسير آخر. اقترح بعض باحثي علم الاجتماع أن الثروة والإيمان من الممكن أن يوفرا الأمن الوجودي [14] ويعني الاطمئنان في أن المرء لن يُصاب بمأساة في أي لحظة في الحياة وبالتالي فإن الدخل العالي يقلل من الحاجة إلى الإيمان بالقوى الخارقة للطبيعة في المقام الأول. [تعريف آخر للأمن الوجودي هو حالة يكون فيها إجمالي المخاطر الوجودية في كل لحظة من لحظات الحياة منخفضًا، بحيث تُحفظ إمكانيات البشر على الأمد الطويل وتُحمى
تعتبر مثل هذه النتائج بمثابة تذكير قوي بأن معتقداتنا وسلوكياتنا وهوياتنا ليست ملكنا بالكامل، ولكنها غالبًا ما تتشكل من خلال المواقف والثقافات التي نجد أنفسنا محاطين بها.