ملكة التأمّل الشامل.. حشاشة فكر أم سيجارة عمر.. «حدثٌ وحديتٌ - 70»
تَعنِي في أسمَى مَا تَعنيهِ لُحظاتُ مَلَكةِ ”التّأمّلِ“ العَقليةِ المُتجدّدة، مِن قَدحٍ وإِعمالٍ فاعِلين ”لمعاوَلَ“ استِقصاءِ مِيكانِيكيةِ ”عُصارةِ الفِكرِ المُتيقّظِ، وأريحيةِ مَنظومةِ أطيافِ الرؤى الفِكريّةِ المُتناميةِ، في قبضةِ قَائم سُلّمٍ مُريحٍ، مُنتصبِ القامةِ، ورافعِ الهامةِ؛ ليزيّنَ أنفاسَ ذائقةِ الإحساسِ المَرِنِ، القابلِ - بصَفائه وتنَقائه - لاستقطابِ، واستجلابِ شُحناتٍ وَافرةٍ مِن نسقِ أمواجٍ وأورادٍ، فِكريةِ المَورِد، وأصِيلةِ المَحتِد… تتقاطرُ شذراتُ مُخرجاتِها البنائيةِ الشاملةِ، بتَماهٍ وتَلاقٍ مَلحوظٍين، في جُذورِ صَميمِ هَالاتِ مِشكاةٍ نُورانيةِ المَنشأ، وذَاتيةِ المَسلَك، تُسقَى مِن نظامِ دَيمومةِ إمدادٍ“ فِكري ”صَائبٍ لَاحبٍ، لَا يَخبو نُورُها الوَهّاج، ولَا يَكَلّ إِشعاعُها المُنير المُعتاد، مُتصرّفةٌ في مُعتركِ زَحمةِ سَوادِ أحلكِ اللّيالي المُظلمةِ الدّهماء؛ وتتماشَى الهُوينى ببُطء صَريمِِ أضوائها الباهتةِ، في خَريفِ دَبِيبِ مُستهلّ“ شَيخوخةِ ”المِزاجِ السوداوِي، الزاحفِ تَكاسُلًا، بتموّجات اِلتواء قَصباتِ أجسامِها النحيلةِ جَورًا مُجحِفًا؛ لإحداثِ“ مُستعمراتٍ ”اعتلاليةِ المَسلَك الفكري المُتبلّد؛ لتَسمحَ لزخم زيغِ وبغي إفرازاتِها السوداويةِ السامةِ، بتصديرِ وتمريرِ شَللٍ وكُساحٍ نوعِيّين مُتلازمَين، في عُقر مُستقبلَاتِ“ خلايا" الفِكر المُستنيرةِ المُستنفرةِ، في أداء رَتِيبِ برنامجِ عملِها الدائبِ المُعتادِ…
وهُنالك، في أعلَى مَنصّاتِ يقضةِ الفكرِ المُتجدّدِ، تتجافى وتتنافر نواعِقَ صَيحاتٍ، وصَواعِقَ هَديرٍ هُتافاتٍ صَفّ لَفيفٍِ مْتخاذِلٍ، مِن حُطام أسواطٍ مُغلّظةٍ النبِرةِ، ومُشدّدةٍ العِبارة، مِن أقبحِ مُتلازمةِ النسيان الخَرقاء، وبَلادةِ الفِكرِ المُعتلِ، ومِثلهما سَذاجةَ بصيصِ الاستجاباتِ السوداويةِ الانسحابيةِ؛ وحَماقةِ أطواقِ الحِصاراتِ العقليةِ المُنغلقةِ، التي تأبَي جَهلًا، وتَسعتصِمُ سَفاهةً، أنْ تُفتَحَ دُرَفُ الأبوابِِ على مَصاريعِها؛ أو تُصغِي مُجامِلَةً للِهُنيهة عَابرةٍ؛ أو تستَرِق النظر العابث، مِن خِلال فُرجةٍ أو شَقٍ، في جِدارِ الحائط؛ لتَتنّصتَ بتلَصّصٍ؛ أو تَتطفَل بتجَسّسٍ مُضطَردين؛ لتنجحَ مَرّة، في تأسِيسِ وتشكِيلِ براعمَ نَوَيَاتٍ بَارزةٍ مُشرقةٍ، تراها - تلك الفئةِ المُنغلقةِ، بأعينٍ زائغةٍ؛ وتتناقَلها بأفئدةٍ لَائمةٍ مُتذمّرةٍ؛ لَتسرِي وتمرِي يقضةُ سَريانِ أمْصالِها الدوائيةِ، بتَغديةٍ انتكاسَيةٍ سَقِيمةٍ، مِن آسِن عُكارةٍ نتِنةٍ، مِن خليطِ ”إكسيرٍ“ مِن أمْصالٍ ”فاسدةٍ آجنةٍ“ لدرءِ دَبيبِ نضارةِ الفكرِ النيّرَ المُضاد لطبيعتِها، مِن زحفِ التسلّل والتمركُز، في عَتاد دَرَكِ دواخل النفس الأمّارةِ بالسوءِ.
وهُناك في أَوجٍ ضفّةِ رَحابةِ الفِكر ”المُتأمّل“ المُتجدّد، في طُولِ سِلسلةٍ، مُترادِافةٍ مِن مَقطُورةٍ حُبلى مِن القُدراتِ العقليةِ، تتسامَى وتتنامَى مَقامَاتُها الحِسان، في رِيادةِ مَسيراتِ القُدراتِ العقليةِ البارزةِ؛ ومِن أبرز حَلقاتِ أترابها القريبةِ: التدبّر، والتبصّر، والتفكّر، والتروّي، والتحقّق، وإمعانُ النظرِ، وإعمالُ الفكر… ولعلّ ملكةَ فِكر الإنسانِ المُعاصِرِ المُتحضّرِ في طُولِ مَراحلَ مَسيرتهِ الكفاحِيّة العلمية، قد حَقّقت، وأنجَزت أشواطًا بَعيدةً سَامِقةً، مِن جديدِ طَفراتٍ نوعيةٍ؛ لتتصاعدَ وتتضاعفَ رُيُوعُ أرصدةِ انجازاتهِ العلميةِ الجمّةِ، ومُكتسباتِ ابتكاراتهِ الحيويّة البارِعةِ؛ لتُسمو بنباهةِ فكرهِ الشامِخ، وتُعزّز ألمعيّة طُموحاتِه ”الشاطِحَة“ بفَائقِ فخرٍ وبَرِيعِ اعتزازٍ نوعِيّين، ناصعَ صَحائفَ تاريخيةٍ جِهاديةٍ المسعَى، بيضاء مُشرّفةٍ الطّلعةِ، وكأنّها، بتمام شفافيّةِ مُتونِ بِطانتِها الخالدة، مُتزامنةً معَ مَراحلَ تكوينهِ الجِسماني، ونموّه العَقلاني، ونِتاجِ فكرهِ العَبقري المتجدد، مَع بزوغِ خُيوطِ إشراقةِ قرصِ الشمسِ الدائبِ، في كامِل إتمام دَورتِه السرمديةِ؛ ليكشِف عِيانًا، الستارَ عَن كلّ جَديدٍ ومُفيدٍ، مِن مُضطَرد هَطلِ مَعرفِي في خِضمّ جديد عالَم الاكتشافات، وسَيلِ رَشقِ الاختراعات، التي عَمّت وشَمِلت، وسَادَت شتّى مَناحِي وجَنباتِ الحياةِ العصريةِ المُرفّهةِ، جُملةً ًوتَفصِيلًا…!
عَلاوةً على مَا تقدّم ذِكرهُ، مِن إثواء أنبل سَجايا؛ وإقصاء أذلّ رَزايا ملكة ”التأمّل“ الضافيةِ الشاملةِ، في بدِيع سُلطانِ عالَم المَلكُوت الربّاني - تَجليّةً وعََظمةً - بعد التأمّلِ الروحاني في عالَم المَوجودات، وتسخِير أوسعِ مَوجوداتِة الربانية ”اللّامحدودة“ المُدركَةِ بذائقةِ الحواسّ في بُسُطِ خِدمةِ الإنسانِ، تتجلّى ملكة ”التفكير الروحي الكاملةِ الدائبةِ“ لتشملَ فضائل الرّقي، والسموّ، والتّسنّم، بذَات ورُوح الإنسان ”الموجود“ بقراءة رُوحيةٍ سَاميةٍ؛ ويتمّ ذلك بطرح رصيدٍ مِن عميقِ التساؤلات ”الفلسفية“ الذكّيةٍ تكون - في مُجملِها - مُفتاحًا للوعي الروحي الفائق: «الّذِينَ يَستَمِعُونَ القَولَ فَيَتّبِعُونَ آحْسَنَهُ آولئِكَ الّذينَ هَداهُمُ اللهُ و?ُوْلئِكَ هُم أُوْلُوا الأَلبَابِ» … وهُناك ثلاث مَراحلَ مَفصليّةٍ، تفرزها ملكة التأمل الروحي، في صميمِ قِراءةِ كينونةِ الذات، ألَا وهي: «مرحلةُ التحنّثِ، وفيها يكون الانفصالُ عَن التّبعيّة، عن كلّ الارتباطات الماديةِ والمعنويةِ، والعودةُ إلى فطرةِ الذّات، وإسكات الماضي والمستقبل؛ والعيش في قوّة اللحظة التأملية. وثاني مرحلة: هي التحلّي والتحرّر مِن كل المُكتسباتٍ؛ والانفصالٍ عَن ”الأنا“ وسَبرِ الذات؛ وتَنقِيتِها مِن ”فيروسات الارتباط“ الخارجي والتحليق الروحي في دَواخِلها؛ للتفكيك والتخلّص مِن شَوائب تبعية مَا حَولك، وُصولًا ذَاتيًا رُوحيًا إلى صِبغةِ الفِطرة الربانية، المُرتبطةِ بشَفرة الذات. والمرحلة الثالثة: وهي الاقترابُ الآمن مِن لحظاتِ تجلّي الحقيقة الروحية...» * ويُذكر أنّ مَرحلةَ ”التحنّث“ وهي الاختلاءُ بالذاتِ، وقدرةِ اسكاتِ عبثِ الضجيحِ الخارجِي؛ ثمّ العودةُ الظافرة بمعيّةِ الروحِ إلى مَراقي الوعي الروحي العُظمى، في رحماتِ كنفِ المَولى، عزّ وجلّ… هذه المرحلةُ مِن سماحةِ تجلّي الوِجدان، وأريحيةِ السّمو الروحي المَغمور بصِبغة الذات، عَاشَها ومَارسَها الأَنبياء والمُرسلين، ومِنهم خاتمِهم، نبينا الصادق الأمين، عليه وآله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغرّ الميامين، عليهم أفضل الصلاة، وأتمّ التسليم أجمعين، عِندمَا كان يتعبّدُ ويتحنّثُ رُوحِيًا في غارِ حِراء، قُبيلِ بِعثتِه النبويةِ الشريفةِ…!
وفي تُخوم عَنانِ مَراقي التأمل العلمي، في كُنه شَتّى المَوجوداتِ الكونيةِ، وسَائر المَخلوقاتِ الربانيةِ؛ وإطلاقِ ملكةِ الفِكر الألمعيةِ الخلّاقةِ، المؤيّدة بسلطان العلم، والمعززة بفنون التعلّم، بأسمى عزائم قُدرات الاستقصاء الذاتية، وشكَائم الاستغراقِ، وأبحاثِ المعارفِ العلميةِ العقليةِ؛ للارتقاء والسمو المُوجّه مَراتبًا، بتحسِينِ أنماطِ الحياةِ الماديّةِ الشرِيفةِ، لسُكّان المَعمورةِ قَاطِبةً… ومِثل تجلي ذلك الهدف الحيوي النبيل، تتسامَى وتتنامَى مُمارساتُ أدوار ”التأمّل والتحنّث“ الروحية العُليا، في كَنفِ مَلكوت الذات الإلهية؛ وهُما - بمقامِهما الأعلى - مُفتاحا شَفرةَ الحياةِ الروحيةِ الواعية، وحشاشةِ الفكر المُتألّق، وليستا ارتشاف وزفير لِفافةِ ”سِيجارةٍ تِبغيّةٍ“ تافهةٍ، بين شِفاهِ المُدخّن، تُنفثُ بسوادِ سُمومِِها، في الهواء؛ لتدمّرَ الجسد؛ وتُحرَقَ لُباب الفكر، في مَغبّةِ وغَفلةِ مُمارسةٍ عَبثيةٍ سَاذَجةٍ…!