أمير الصفا محمد هاني
صديقي الذي يرقد تحت الثرى: أعرف جيّدًا أنك متلهّف لمعرفة كيف سمعتُ بخبر رحيلك، وكيف كان وقع أثره على نفسي!
حسنًا، سأخبرك، ولكن قبل ذلك، عليك أن تعرف أنّ مشهد لقائنا الأول في الغربة ومشهدك على المغتسل، ما فارقني برهة، وأنا أجترّ هذه الكلمات.
لقد بدأ الأمر عبر صوت قادم من الجوال يشير إلى وصول رسالة «لعينة»، فرحت أفتحها. كان عنوانها ”عظم الله أجوركم“ ولكنّي لم أتوقع أن أشاهد صورتك أسفل تلك العبارة. أقفلت الجوال وأعدته إلى مكانه. وتوقعت أنه مجرّد حلم وسوف أفيق منه لاحقًا كما يحدث معي كثيرًا. فعدت أواصل ترتيب ملابسي وكأنّ شيئًا لم يحدث.
ولكن ما هي إلا ثوانٍ حتى فقت لنفسي وعدت من جديد أتصفح هاتفي. علّه تشابه أسماء أو مزحة سخيفة. ولكن سرعان ما عرفت أني أعيش الواقع، فخارت حينها قواي، وسقطت مكاني، أحاول أن أتماسك، فشعرت بنفسي وكأني وسط إعصار، كذلك الذي كنّا نختبئ منه معًا في بلاد العم سام.
وفجأة انهمرت عيناي سيلاً من الدموع التي لم ولن تنصفك. لقد آمنت بك منذ اللحظة الأولى، فبالرغم من صغر سنك إلا أنك كنت معلّمًا. يومها أخذتني نحو مكان وجدت فيه نفسي وعهدًا منّي سوف يبقى إيماني بك قائمًا ما حييت.
صديقي، لقد نسيت أن أخبرك أنّ صديقي وصديقك كان يمسك بيدي ونحن نشاهدك على النعش، وكان يهمس في أذني قائلاً: شاهد وجهه! إنه مبتسم ومشرق.
نعم لقد كنتَ كذلك، إلا أني رحت أتأمل في كبريائك العظيم يلوح في جبينك، وأراقب طموحك في عينيك المغمضتين.
صديقي، بالرغم من تطاول القدر عليك، إلا أنّ خيالك سيبقى رفيقًا في خلواتي. نناقش ونفكر ونتمرد معًا. نغوص في أروقة التاريخ ونمزّق تبعاته. ستبقى ضحكاتك ترنّ في صيوان أذني وابتسامتك الجميلة بصمة في حدقتي عيني.
والآن يا صديقي، هل تذكر آخر اتصال دار بيننا؟!
لقد قلتَ إنّ هناك أمرًا تريد أن تُطلعني عليه. أعلم أنّ جسدك قد رحل عن عالمنا إلا أنني بانتظار زيارة روحك الطاهرة لتطلعني على ذلك الأمر، فيا ترى، هل هو خبر إصابتك بالمرض، أم هو شيء آخر!.