يوم الكتاب.. مرّ بهدوء
مرّت قبل أيام، مناسبة عالمية مهمة، احتفل بها العالم، كل العالم، لأنها تعكس ثقافة وشغف وتطور المجتمعات والشعوب والأمم، وهي الذكرى/المناسبة السنوية للاحتفاء بالكتاب وحقوق المؤلف أو ما بات يُطلق عليه ب ”اليوم العالمي للكتاب“. تظاهرة ثقافية وحضارية تُرسّخ القيمة والمكانة التي يحظى بها الكتاب باعتباره الناقل الأمين لكل تلك القصص والأحداث والثقافات والحضارات والآداب والفنون والاختراعات والابتكارات التي أنتجتها الإنسانية على مرّ العصور.
ولكن، كيف تحوّلت هذه الفكرة/المناسبة إلى هذا الكرنفال الثقافي والحضاري العالمي؟ في ال23 من أبريل من كل عام، تحل الذكرى السنوية لليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف ”World Book and Copyright Day“، وهي مناسبة موسمية أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ”اليونسكو“ في الاجتماع الذي أقيم في باريس عام 1995 ليكون اليوم الثالث والعشرون من شهر أبريل من كل عام يوماً عالمياً للكتاب وحقوق المؤلف، تشجيعاً على القراءة والمطالعة وتحريضاً على الفهم والوعي وحفظاً لحقوق ومكانة المؤلفين والكتاب.
. ويُمثل هذا اليوم العالمي تاريخاً رمزياً في عالم الثقافة والأدب، ففي هذا اليوم من عام 1616 تُوفي كل من ميغل دي سرفانتس الكاتب والشاعر الإسباني الشهير ووليم شكسبير الأديب الإنجليزي الخالد، إضافة إلى العديد من الأدباء والكتّاب المرموقين الذين صادفت ولادتهم أو وفاتهم في 23 أبريل. وقد دأبت اليونسكو على اختيار عاصمة عالمية للكتاب في كل عام، تُقدم برنامجاً رائداً، أو مبادرة ملهمة لتعزيز الاهتمام والعناية بالكتاب، وفي عام 2001 كانت مدريد أول عاصمة عالمية.
والكتابة عن الكتاب وأدواره التنويرية والحضارية والثقافية والإنسانية في عصر الشبكات العنكبوتية ومنصات التواصل الاجتماعي وتنوع وتعدد الوسائل والطرق التي تُنافس وظائف واستخدامات الكتاب، أصبحت مهمة شاقة ومعقدة، فالكتاب يتعرض للكثير من الضغوطات والتحديات، بل والصعوبات والصراعات، ما جعله يتراجع عن المراكز والمراتب المتقدمة التي استقر بها لعقود، بل لقرون طويلة.
في اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف والذي مرّ باهتاً خجولاً وسط ضجيج وسرعة الصور واللقطات التي تملأ الساحات والشاشات وتجذب النظرات والاهتمامات، لا تنفع الآهات والحسرات، ولكن نحن بحاجة ماسة وضرورية لإعادة الوهج والمكانة للكتاب، وذلك عن طريق اكتشاف طرق جديدة وأساليب مبتكرة تتناسب مع طبيعة العصر وأسلوب الحياة. الكتاب باقٍ مهما تعاظم وتكاثر المنافسون، لا شك في بقائه، لا شك في ذلك، ولكنه يجب أن يستعيد مكانته وقيمته وتصدره للمشهد الثقافي والإنساني والحضاري.