تجربة الحب السويدية 2/3
كما ذكرنا في المقال السابق بأن السويد كأنموذج لأنسنة الحب والهويات والعلاقات بين أهل الهويات المختلفة دون كراهية، حيث اتجهت نحو تشكيل بيئة سياسية ومنظومة اقتصادية واجتماعية وتعليمية وثقافية قادرة على أنسنة المواطن والوطن. نرى ذلك حتى في تشكيل الحكومة وآلياتها. فالسلطة التنفيذية بيد رئيس الوزراء وأعضاء مجلس الوزراء الآخرين، ويرشح رئيس الوزراء رئيس البرلمان، وهو مجلس تشريعي واحد بـ 349 عضواً، يختار الناخبون 310 من الأعضاء بتصويتهم للأحزاب في مناطقهم المحلية التي تُعرف بالدوائر الانتخابية. أما المقاعد التسعة والثلاثون المتبقية فيتم تقسيمها بين الأحزاب حسب نسبة كل حزب من التصويت على المستوى القومي.
وقد أنشأت السويد ما يسمى بـ ”مكتب الرقيب“ في عام 1809 م وبهذا تكون أول دولة يكون لها رقيب الذي يتم تعيينه من قبل البرلمان ليقوم بحماية المواطنين من الاستخدام غير المشروع أو غير القانوني للسلطة من قبل الموظفين الحكوميين أو الوكالات الحكومية. وتقام المكاتب المتخصصة للرقباء لمتابعة القضايا المتعلقة بمكافحة تضخم رأس المال والتنافس، وقضايا المستهلكين، وتوفير الفرص المتساوية في العمل، وادعاءات التفرقة العرقية. والرقباء يساعدهم موظفون خبراء يمكنهم القيام بتحرياتهم الخاصة أو تلك التي تستجيب لشكاوى المواطنين. وشُيد هذا النظام للمساعدة في ضمان احترام القانون والمحافظة عليه من قبل القضاة والموظفين الحكوميين وضباط الجيش.
ومن النقاط المهمة في هذا النظام وجود الحكومات المحلية. فلكل واحدة من المقاطعات ال 24 في السويد حكومتها، ويحكم كل مقاطعة حاكم تُعينه الحكومة مع مجلس ينتخبه الشعب. فسكان كل مقاطعة يساهمون عبر تصويتهم في وجود المجلس الذي سيحكم مقاطعتهم. وقد ظلت السويد، وفق سياسة الحياد المتبعة فيها تجاه الحروب، على الحياد في الحرب العالمية الأولى وكذلك في الحرب العالمية الثانية.
ومن الأمور الملفتة في الشأن السياسي العام في السويد عراقة تأريخ الأحزاب التي يعود تأسيس أحدها إلى عام 1880 م، وكثرتها وتنوع توجهاتها الفكرية والعرقية والثقافية وضخامة عدد الأعضاء المنتمين إليها، وتدير الأحزاب صحفها دون رقابة من الدولة حيث لا رقابة على الصحف. ومن الجدير القول بأن الدولة السويدية لا تتبع ديانة معينة، وأن الفرق اللاجئة إلى السويد مثل الكاثوليك، اليهود، المسيحيين الأرثوذكس، الشيعة والسنة، البوذيين والهندوس تتمتع بتقاليد دينية مختلفة. المجتمع في السويد يصبح أكثر فأكثر متنوع دينياً. السويد مثل يحتذى به على الساحة الدولية كمجتمع لا يلعب الدين فيه دور مهم لقسم كبير من الناس، هذا صحيح جزئياً ولكن صحيح أيضا أن هناك التزاما دينيا كبيرا وطوائف ناشطة في السويد، بحيث أن القسم الأكبر من الشعب السويدي، حوالي سبعة ملايين شخص، هم أعضاء أو مسجلون كمشاركين في نشاطات طائفة ما.* في المقطع المرفق إفادة للموضوع بعنوان ”بماذا تشتهر السويد؟“: