آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 12:36 ص

تجربة الحب العمانية 3/3

كاظم الشبيب

منهج التعايش السلمي العماني ظهر بكل حب في اتجاهين، الاتجاه الداخلي والخارجي، في الأول نجد اللحمة الوطنية بين أهل الهويات المختلفة في عمان بمحبة، وفي الثاني نجده في التعايش السلمي دون كراهية مع جميع الدول لتصنع هذا الثقل الإقليمي والتأثير الدولي الكبير لهذا البلد الصغير. النموذج العماني في التسامح المذهبي مثير للاهتمام والإعجاب والتقدير، فالسلطة في عمان أدركت أهمية التنشئة في تكوين شخصية الفرد، ودور التعليم والقانون في توجيه سلوك الأفراد نحو الأفضل، فالشخصية العمانية مجبولة على التسامح وتقبل الآخر، وعندما تناقش شخصاً عمانياً حول المذاهب والطوائف وحتى الديانات، تلمس عمق التأثير المنطبع في شخصيته دون نفاق من تقبل للآخر وعدم كرهه، بجانب صفاء النفس والطيبة الحقيقية غير المصطنعة.

وبالرغم من أهمية دور الأسرة في التنشئة إلا أن ذلك هو ثمرة للجهود التي تبذلها الدولة بما يتماشى مع دور الأسرة الحيوي والمهم في تكوين الشخصية العمانية.[1]  فهناك صور كثيرة جميلة متداولة ملتقطة من مساجد عُمان، والتي تُظهر صلاتهم جميعاً باختلاف مذاهبهم خلف إمام واحد في عدّة مساجد، فمنهم من يظهر مسبلاً يديه، ومنهم من يضع يده اليمنى على اليسرى، ومنهم من يضع حجراً أو تربة معينة في موضع سجوده... إلى آخر تلك الاختلافات المذهبية.

والأجمل هو تبني جهات تربوية عمانية هذه الفكرة لتعليم الأطفال التعايش والمحبة والتسامح والسلام، فقد قادني البحث والفضول، كما يقول الكاتب وائل قاسم، إلى مقاطع أفلام كرتونية، كمقطعٍ عنوانه «كلنا إخوة» حقق أكثر من 120 ألف مشاهدة على اليوتيوب في حينه، قامتْ بإعداده أختٌ عمانية اسمها زينب الغريبية، ويُظهر المقطع مجموعة من الطلاب من الجنسين، طلبتْ منهم معلمتهم إحضار ما يحتاجونه لتعلّم الصلاة، وفي اليوم التالي أحضروا معهم السجّادات والحجاب للفتيات وما شابه، ثم بدأ الدرس فصلّى كلُّ طفل حسب ما تعلمه من مذهب أهله، فمنهم من أسبل يديه ومنهم من وضع الكف الأيمن على اليد اليسرى، ومنهم من فرش في موضع سجوده ما يسجد عليه من تراب ونحوه..

وما أروع الأهداف التي وضعتها الأستاذة زينب في نهاية ذلك المقطع المبهر، حيث كتبتْ في آخره: أهداف هذا العمل:  1-  غرس قيمة التسامح الديني عند الأطفال. 2- توجيه الطفل لتقبّل الآخر بفكره، برحابة صدر. 3- احترام جميع البشر لأنهم بشر، وعدم التمييز بين الطوائف. [2]  لذلك نجد الساحة العمانية خالية من أكثر المصائب التي تبتلى بها المجتمعات الأخرى. وفي المقطع المرفق ما يفيد بذلك بعنوان ”أهل الله، سلطنة عمان“:


[1]  مدونة بعنوان ”التجربة العُمانية في التسامح المذهبي“ للصحفي حمد البوعينين بتاريخ 9/1/2020، موقع الجزيرة نت:   aljazeera.net/blogs, بتصرف.

[2]  مقال بعنوان ”التعايش والتسامح في سلطنة عمان“ للكاتب وائل القاسم، صحيفة الجزيرة السعودية، www.al-jazirah.com