آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

المستمسك الرمضاني «10»

تعزيز العلاقات الأسرية:

تأثير الصيام في حياتنا يمتد إلى جميع جوانب حياتنا فيبث فيها القوة وتعزيز القدرات والتألق، ولا يقتصر على الجانب الروحي وتصحيح العلاقة بالله تعالى وتنمية الزاد الإيماني كما يتصور البعض، ففي الجانب الأسري والاجتماعي تتضح ظلال الشهر الكريم على طريقة تعاملنا واتجاهها نحو الإيجابية أكثر وأكثر، بعد أن أدركنا حقيقة الصوم وعلاقته بتحسين الأخلاق وتزكية النفس ومراقبة الجوارح لئلا تتعدى على الآخرين، وهذا بالطبع يعني مشهدية جميلة تتسم بالدفء العاطفي والاحترام المتبادل ومراعاة مشاعر وظروف الطرف الآخر، فيتجنب المرء الدخول في دهاليز الخلافات والخصومات مع الجيران والأقارب مهما كانت العوامل الداعية لذلك، فيجنح إلى ضفة التسامح وصفو القلب من المشاعر السلبية كالكراهيات والأحقاد والتي يعدها الصائم عاملا مانعا من قبول الأعمال، وكذلك على المستوى الأسري فإن العلاقات تنتعش متى ما انتهز الوالدان فرصة الشهر الفضيل لتعزيز الانتماء لهذا للكيان الأسري في مشاعر وسلوكيات أفراده، وذلك بإشاعة روح التفاهم والحوار والتلاقي وتبادل الأحاديث والسؤال عن أحوال الآخر.

والاجتماع على مائدة الإفطار أو السحور ليست مجرد تناول وجبة كما يتصور البعض، بل هي فرصة وباب لتعزيز العلاقات بين أفراد الأسرة وخصوصا مع وجود الانشغالات الكثيرة المتعلقة بالدراسة أو العمل، والتي قد تقلل من فرص التلاقي بين أفراد الأسرة ولكن جاءت فرصة ثمينة لتعزيز روح الأسرة المتماسكة، فنحن نواجه اليوم الكثير من المشاكل وتعقيدات الواقع والعلاقات المأزومة، وهذا ما يستوجب وجود منافذ لتنفيس تلك الضغوط والهموم الحياتية من خلال تبادل الأحاديث مع من يثق به وبرجاحة عقله بغية الوصول إلى قرارات مناسبة وحلول ممكنة، كما أن روح العمل المشترك والتعاون في أعباء المنزل وتوزيعها بينهم يقوي علاقاتهم.

كما أن تفعيل التواصل عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج الدردشة الكتابية يتيح الفرصة للتعرف على أحوال بقية أفراد الأسرة وإن ابتعدت بينهم أماكن العمل أو الدراسة، فلا ينقطع حبل التواصل مهما كان إن وظفنا الأجهزة الذكية في طريق تعزيز علاقاتنا الأسرية.

وفي الشهر الفضيل فرصة لرأب الصدع وإصلاح ذات البيت على مستوى الأقارب والأهل، فهناك خلافات وخصومات تمتد لسنين بسبب حالة العناد والمكابرة مما يؤدي إلى تصدع العلاقات بين الأهل، وتتظافر الجهود بين أهل الخير في محاولة تقريب الأفكار وتصفية النفوس من الكراهيات وطي ملفات الخصومات، فتجاوز الخلافات يحتاج إلى صوت يدعو إلى التسامح والصفح والمصالحة بين الأقارب.