عدو عاقل أم صديق أحمق؟
هل سمعتم بقصة الدب الذي قتل صاحبه عندما رأى ذبابة تحوم فوق رأسه وهو نائم، فأراد أن يبعدها عنه فما كان منه إلا أن أخذ حجراً كبيراً ليضربها به ويقتلها، لكنه هشم رأس صاحبه معها، تدور داخلي الكثير من التساؤلات عن تلك القصة، إذ لا أعلم حقيقة لماذا اختير الدب بالتحديد ليكون بطل تلك القصة وليس الكلب أو الحصان، لكن لا عجب في ذلك لأننا نرى البشر هذه الأيام يربون ويعاشرون الكثير من أنواع الحيوانات المختلفة حتى المفترس منها، ولا أعلم كيف لحيوان غير عاقل كالدب أن يدرك أن بإمكان ذبابة إزعاج صاحبه، وألا يدرك أن رمي الصخرة على رأس صاحبه لهش الذبابة بإمكانها قتله، بغض النظر عن مدى صحة القصة من عدمها، تعتبر هذه القصة أصدق قصة لتوضيح المثل القائل «عدو عاقل خير من صديق أحمق».
عندما أتذكر هذا المثل أشعر أنني أقف حائرة بين خيارين أحلاهما مر، عدو لدود، ممتلئ بالكراهية والحقد، لكنه عاقل ويفكر بمنطق، أم صديق عطوف، محب، حسن النية، لكنه أحمق، شخصياً أجد أن العقل يبقى زينة للإنسان حيث يكون قادراً على التفكير المنطقي والقدرة على التفاوض حتى الوصول لنقطة تفاهم تتلاقى فيها مصالح الطرفين، حتى لو كانوا أعداء. أيضاً، يتميز العدو العاقل بحرية الإرادة فيختار إن كان يريد أن يضرك أم لا، ومتى وكيف. أما الصديق الغبي فوجوده يمثل خطراً حقيقياً على الإنسان، حيث لا يمتلك القدرات الذهنية اللازمة لاتخاذ القرارات السليمة في اللحظات المناسبة فيضرك معتقداً أنه ينفعك، الذكاء نعمة حتى لو كان عند عدو، والحمق مصيبة حتى وإن كان عند صديق، وذلك بسبب غياب العقل، والمنطق السليم، وحسن التدبير وتقدير الأمور.
تعتبر العلاقات الاجتماعية من أهم الأمور في حياة الإنسان حيث تضم الكثير من الأشخاص بدءاً من الأصدقاء وصولاً للأعداء، ودائماً ما تكون في منتهى التعقيد، وبإمكانها أن تسمو بالإنسان أو تقذف به في الحضيض، يجب على الإنسان أن يعرف كيفية التعامل مع مختلف الأشخاص من حوله، وأن يكون ذكياً حصيفاً يرى الفرص في التعلم والتطور وتنمية القدرة على التفاوض حتى مع أعدائه وينتبه ويحذر من الخطر القادم حتى مع أعز أصدقائه. يجب أن يتعلم مهارة تقنين أو قطع العلاقات بالضبط كمهارة تكوينها والاستمرار فيها.
ونعود لقصتنا العجيبة والتي هشم فيها الدب رأس صاحبه حباً فيه كي لا تزعجه ذبابة، ونجد أن العبرة من القصة أنه من الخطير على الإنسان مصاحبة الدببة.. أقصد الحمقى!