آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 10:56 ص

السياقة في رمضان واحترام الآخرين

علي حسن آل ثاني

ونحن في أجواء شهر رمضان المبارك الإيمانية ونفحاته الروحانية، حيث إنه مزرعة العبادة، يأتي ليطهر قلوبنا وأرواحنا لنعيش التسامح والحب والألفة والمحبة والرحمة، فلا شيء أجمل وأرقى من النفس المهذبة بالسمو والكلام الطيب والمعاملة الحسنة والتواضع وسعة الصدر مع الناس واحترام مشاعرهم في هذا الشهر ونعيش بروح تعلو على التعالي والغضب.

أخي السائق، دعني أهمس في أذنيك هذه الكلمات الصادقة اللطيفة والرقيقة الممزوجة بمشاعر الود والحب، لعلها تجد آذانًا صاغية أو صدرًا رحبًا.

التزامنا بآداب القيادة خلال شهر رمضان، ومما يجب أن نتمسك به كسائقين في شهر رمضان المبارك التحلي بالأخلاق الراقية المهذبة الفاضلة أثناء استخدامنا للطريق بالصبر والنفس الطويل وسماحة النفس وحسن التعامل.

هناك سلوكيات من بعض السائقين غير أخلاقية ومزعجة للأسف:

تهور وجنون وعدم احترام الآخرين أثناء قيادة السيارة يتسبب في حوادث مرورية منها تعطيل للحركة وأضرار للممتلكات الغير وتعرض حياتهم للخطر. وكذلك ترك الأطفال في المقعد الخلفي يسرحون والنوافذ مشرعة لهم يتصرفون بغفلة من الأبوين وتأتي الكارثة.

فقد أصبحنا نعاني من انحدار واضح في أخلاقيات الشارع وثقافة القيادة، انحدار نلمسه بشكل يومي في شوارعنا، سواء كنا مشاة أو كنا نقود مركباتنا. وأكاد أجزم أن هناك شكوى يومية من غالبية الناس حول ما يحدث في شوارعنا من سلوكيات غير مرغوبة ومزعجة.

خلال الأيام الماضية فقدنا الكثير من الشباب الذين يمثلون عصب الحياة ومستقبلها، والسبب هو الاستهتار والسرعة المتهورة وهذا الشاب يخلف وراءه أحزان الوالدين والإخوة والأصدقاء وجميع من يتصل به في عرق أو نسب، فلماذا كل هذه النزعة المجنونة من البعض أثناء القيادة وبهذا السلوك المتهور؟

ونحن في أجواء الشهر الكريم يجب أن نحترم هذه المشاعر وحرمة هذا الشهر وكرامته، ونبتعد عن هذه التصرفات المجنونة التي لو حدث مكروه من أي خطأ انتزع وراءها قلب أم، وروح أب، وظهر أخ، فتدفع بفراق أرواح - لا قدر الله - ثمنها طول العمر حسرة وألمًا.

الساعة الأخيرة من نهار شهر رمضان المبارك:

يزداد التهور من بعض السائقين خلال الساعة الأخيرة من النهار أي ما قبل موعد الإفطار وهي تشكل خطورة على سائقي السيارات والركاب والمشاة على حد سواء. وتشير الأرقام والإحصاءات إلى ارتفاع عدد حوادث السير والاصطدام وحتى الدهس خلال الساعة الأخيرة من موعد الإفطار مباشرة حتى إن الشخص لم يعد آمنًا على نفسه في هذه الفترة.

سائقو السيارات والحافلات وحتى الشاحنات ينتهزون فرصة خلو معظم الشوارع من رجال المرور خاصة في الدقائق العشرين التي تسبق موعد الإفطار ويمارسون كل أنواع المخالفات من حيث القيادة بسرعة جنونية، والانتقال من مسار إلى آخر دون الالتزام بالقواعد الأمنية وقطع الإشارات المرورية التي لا يوجد بها راصد آلي، مما يتسبب في حوادث لا قدر الله.

استعمال المنبه أثناء الوقوف عند الإشارة:

يعمد بعض السائقين إلى الضغط على جهاز المنبه مع انطلاق سياراتهم عندما تعطي الإشارة المرورية الضوء الأخضر حتى لو كانت سيارته تقف في الصف الأول، وكأن هناك ارتباطاً شرطياً بين انطلاق السيارة واستخدام المنبه، إنها عادة وأسلوب مزعج وتعبر عن سلوك غير حضاري لدى مستخدمي هذا الأسلوب.

استعمال الجوال أثناء القيادة يتسبب في كوارث

استخدام جهاز الجوال أثناء القيادة سواء للمهاتفة أو الرد أو بعث الرسائل النصيّة أو التواصل الاجتماعي أو التصوير وغيرها كلها تشكّل خطر بحق السائق نفسه وبحق الآخرين لأن نهايتها ستكون كارثية على السلامة المرورية.

نناشد ضمائر السائقين بأن يتقوا الله في هذا الشهر وأن لا تنزع الفرحة من عيون الأطفال وهم ينتظرون العيد، في حين أن بعض آبائهم أو إخوانهم يقعون فريسة حوادث سير مؤلمة في هذه الأيام وعند أوقات الإفطار.

الاستعراض الأسبوعي المزعج على الكورنيش:

سلوكيات مرفوضة تخالف الثوابت والقيم والمبادئ والأعراف المجتمعية من تهور وإزعاج ومخالفة كافة الأنظمة والقوانين المرورية واضحة وصريحة يرتكبها أصحاب الدرجات النارية.

هذه السلوكيات التي أصبحت جزءًا من حياتنا اليومية لا تدل على شخصياتنا بما فيها من جمال ورقي وتحضر. معظم الشباب الآن لديهم هواية ركوب الدراجات النارية فهي بالنسبة لهم متعة وفرز الطاقة التي بداخلهم، ونحن لا نمانع من ذلك إذا كانت للهواية وإفراغ الطاقة ولكن احترام الذوق العام ومشاعر الآخرين بضوابط أمنية مرورية هذا لا خلاف عليه غير هذه الضوابط والأخلاق فلن يتحمل أحد مثل هذه السلوك والانحرافات التي تدل على عدم مبالاة هؤلاء بمن حولهم.

محبي ركوب الدراجات النارية حائرون ما بين ممارسة هوايتهم المحببة وبين رفض المجتمع لهواياتهم، والغالبية العظمى من المجتمع يرفض سلوكيات المتهورة في قيادة الدراجات النارية في الشوارع العامة وداخل الأحياء، بينما الشباب ينظرون إلى الأمر من زاوية أن لديهم طاقات كامنة ولذلك يطالبون بإفساح المجال أمامهم. وهذا غير صحيح في الشوارع العامة وداخل الأحياء السكنية.

ولا يمكن التعميم في مجال قيادة الدراجات النارية، فالأمر يعتمد على السائق إن كان متهورًا أو غير متهور، ولكن سلوك الرفض الذي تمارسه بعض فئات المجتمع من الشباب يقلق الجميع.

ومن الملاحظ أن شوارع الكورنيش تعج بقائدي الدراجات النارية في فترات ما قبل ساعة الإفطار من أيام الجمعة والسبت، وفي شهر رمضان المبارك وهذه الأوقات حرجة ومزدحمة وتشكل خطورة وتربك حركة السير مما تسبب حوادث وتعطيل الحركة المرورية، وهناك أخطار تتولد من انتشار قيادة الدراجات النارية في شوارعنا وداخل الأحياء السكنية، منها إرباك حركة المرور وإزعاج الأهالي من سكان الأحياء.

خصوصًا أن بعضها تسير على شكل وحدات جماعية وتخترق بشكل مفاجئ صفوف ومسارات السيارات وأرصفة المشاة وقطع الإشارات المرورية وممارسة هواية «الترفيع» وكذلك لا يتورعون في المشي عكس السير بشكل فوضوي وعشوائي والبعض غير مرخص لها من قبل إدارة المرور.

وقد اتفق الكثيرون على أن القيادات المتهورة للدراجات النارية في الشوارع باتت بحق مشكلة تؤرق الناس، لأن هذه الفئة من الناس تتعمّد الفوضى والإرباك والطيش واللامسوؤلية، وأصبح مطلوبًا وضع حد من قبل الجهات الأمنية التي لم تقصر في محاصرة هؤلاء ودوماً لهم بالمرصاد.

همسة لمن يتجمع لمشاهدة هؤلاء

وهنا لي وقفة قصيرة ممن يقفون على جوانب الأرصفة بحجة مشاهدة هؤلاء والاستمتاع بأوقات جميلة في ظل تهور وإزعاج الطرقات والأحياء السكنية: حين تقف وتشاهد مثل هؤلاء فأنت تساعدهم على الفوضى ومشارك معهم في هذه الأعمال في هذا الوقت الروحاني لهذه الشهر الفضيل وغيره من الأيام.

ونعود للقول إن البعض يحسب أن الشارع مثل الغابة، فكل شيء بالغلبة والإكراه والفرض، وأنت مضطرٌ أن تبتلع تلك التصرفات والسلوكيات المقيتة وتتجاهلها لأنك إن عاندت وتحدّيت قوبلت بالمثل

خاتمة المقال: ومضات لكل حبيب يقرأ هذا المقال

لا تزرع الأحزان في قلب من يحبك بسبب تهورك. وتجاوزك للإشارة الحمراء ففيه خطورة عليك وعلى حياة الآخرين، وتذكر عائلتك التي بانتظار عودتك

ندعو الله تعالى أن يمر علينا الشهر الفضيل الذي ارتقينا قدومه بكل لهفة وشوق وبسلام دون ازدحام واختناقات ودون حوادث سير أو فقد عزيز أو إصابته بعاهة. وهنالك العديد من الثقافات والتصرفات السلبية في قيادة السيارة وهذا غيض من فيض، وهنالك الكثير من التصرفات الإيجابية والالتزام من الكثير من الناس أيضًا، والمطلوب الرقي والسمو بالثقافة المرورية لغايات السلامة المرورية احترامًا للإنسان الذي هو أغلى ما نملك

وما يجب أن تتذكره دائمًا أنك مسؤول عن سلامتك وسلامة أفراد أسرتك ومسؤول عن سلامة الآخرين، وتذكر أن جميع أفراد أسرتك وأقربائك وأصدقائك في انتظارك فلا تسرع. ونتمنى لكم صومًا مقبولًا وعملًا حسنًا متقبلًا بإذن الله تعالى.

وأخيرًا ندعو الله تعالى أن تكون السلامة على الطريق هي الرفيق الدائم لكم وتذكروا أن القيادة ثقافة وفن وذوق وأخلاق ودمتم سالمين.