آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 12:36 ص

تجربة الحب العمانية 1/ 3

كاظم الشبيب

يلحظ المتابع لمسيرة تجربة سلطنة عمان اجتنابها الدخول في الصراعات القريبة والبعيدة، ولا تقترب منها إلا من أجل الوساطة للمصالحة بين أطرافها أو لمعالجة أسبابها. فلا تعادي أي من أطراف النزاعات في المنطقة. موقف الحياد هذا قد جنبها المشاكل والأزمات في الداخل والخارج بحيث أنها استطاعت تجاوز العقبات الخارجية واحتواء العقبات الداخلية. وقد انعكست سياسة الثبات على هذا الموقف على الصعيد الداخلي في التعايش بمحبة بين أهل الهويات المختلفة، فرغم تشابه مواصفات السلطنة، كحكومة ونظام دولة وطبيعة مجتمعية، بباقي الدول العربية في بعض الأوجه السلبية إلا أنها ظلت محافظة على قيمة التعايش بين سكانها، وعلى قيمة المساواة بين أهل الهويات المختلفة ونبذ جميع أنواع الكراهيات.

التجربة العمانية ليست صورة مثالية خالية من الشوائب، إلا أنها تجربة ناجحة، وأنموذج جميل مقارنة بما يحصل في جوارها القريب والبعيد اجتماعياً وسياسياً وتنموياً. هي نتاج إرهاصات تجارب الحكم ومشاهداته لتجارب المحيط الإقليمي، وهي نتاج تراكم التجربة الاجتماعية لفسيفساء التنوع السكاني وتداخل بعضه في البعض الآخر. فرغم ما يقال بأن أمام السلطنة نحو الدولة والمجتمع المدنيين مشوار طويل، إلا أنها تبقى تجربة متميزة في محيطها العام. وهذا ما دفع الباحث العماني سعيد سلطان الهاشمي، رغم انتقاده التجربة العمانية أن يقول ب: أنَّ الدولة الحديثة القائمة في سلطنة عُمان، ما زالت تملك من الممكنات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ما يؤهلها لتطوير مدنية المجتمع والدولة بشكل أفضل بكثير من بقية دول المحيط الإقليمي. [1] 

وللتأكيد على إيمانها، كدولة وشعب ووطن، بقيم التسامح للعالم والمجتمعات أقامت السلطنة، قبل سنوات، معرضاً للتسامح الديني متنقل حول العالم يهدف إلى التعريف عن كثب على التسامح الديني في سلطنة عمان كقيمة إنسانية وضرورة من أجل مستقبل أفضل للعالم. فبجانب اللوحات يعرض المعرض فيلماً وثائقياً من إخراج الألماني فولفجانج إتليش بعنوان: ”التسامح الديني في عمان“، يحكي هذه التجربة ويعرضها بأسلوبه التصويري الخاص، ليصل إلى نتيجة مفادها أن التسامح الديني والانفتاح على الآخر عنصران متجذران في عُمان منذ القدم وحتى يومنا هذا، مع الاحتفاظ بأصالة قيم المجتمع ودينه وثقافته.

عندما ينفتح القلب على حب الهويات الأخرى تنصرف الكراهية عن نفوس أهل الهويات المختلفة، في المقطع المرفق أنموذج لذلك: نختلف ويبقى الود، نموذج سلطنة عمان:

[1]  سعيد سلطان الهاشمي، دراسة بعنوان ”مدنية الدولة والمجتمع في سلطنة عمان: التحديات والمآلات“. studies.aljazeera.net