آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:13 م

ليلتان للجوشن الصغير والجوشن الكبير

برير السادة

دعاءان يشتركان في الاسم، وفي تكبير صورة الخالق والمخلوق، الرب والعبد، لتكون الرؤية واضحة، ظاهرة الأبعاد.

الجوشن الكبير يرينا مشاهد من جلال الله ورحمته وقدرته وسلطانه الأزلي، ويعدد من أسمائه وصفاته ما يفوق القدرة على الاستيعاب والتصور، فعفوه وكرمه ورحمته وجلاله ونوره ونفاذ مشيئته أعظم من كل ما عرف البشر والملائكة وجميع من خلق من الأولين والآخرين. فلا شي مستحيل حين نستحضر قدرته المطلقة، وإرادته المهيمنة والمطبقة على الوجود كله، لا تعجزه الأسباب التي نعجز نحن البشر عن خرقها.

”يا أعظَمَ مِن كُلِّ عَظيمٍ، يا أكرَمَ مِن كُلِّ كَريمٍ، يا أرحَمَ مِن كُلِّ رَحيمٍ، يا أعلَمَ مِن كُلِّ عَليمٍ، يا أحكَمَ مِن كُلِّ حَكيمٍ، يا أقدَمَ مِن كُلِّ قَديمٍ، يا أكبَرَ مِن كُلِّ كَبيرٍ، يا ألطَفَ مِن كُلِّ لَطيفٍ، يا أجَلَّ مِن كُلِّ جَليلٍ، يا أعَزَّ مِن كُلِّ عَزيزٍ.“

أما الجوشن الصغير، فيسجل قائمة ببعض نعم الله على عباده، التي ابتلي بها آخرون، فأنا المعافى من بين آلاف المرضى، وأنا الحي من بين ملايين الأموات، وأنا الشبعان من بين مئات الملايين من الجوعى والمشردين!

تذكير بصور النعم الغائبة عن عين الإنسان وقلبه.

”إلهي وَكَم مِن عَبدٍ أمسى وَأصبَحَ في كَربِ المَوتِ، وَحَشرَجَةِ الصَّدرِ، وَالنَّظَرِ إلى ما تَقشَعِرُّ مِنهُ الجُلودُ، وَتَفزَعُ لَهُ القُلوبُ، وَأنا في عافيَةٍ مِن ذلِكَ كُلِّهِ، فَلَكَ الحَمدُ يا رَبِّ مِن مُقتَدِرٍ لا يُغلَبُ، وَذي أناةٍ لا يَعجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجعَلني لِنَعمائِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلآلائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ.“

”إلهي وَكَم مِن عَبدٍ أمسى وَأصبَحَ سقيمًا موجعًا في أنَّةٍ وَعَويلٍ يَتَقَلَّبُ في غَمِّهِ لا يَجِد محيصًا وَلا يُسيغُ طعامًا وَلا شرابًا وَأنا في صِحَّةٍ مِنَ البَدَنِ وَسَلامَةٍ مِنَ العَيشِ كُلُّ ذلِكَ مِنكَ، فَلَكَ الحَمدُ يا رَبِّ مِن مُقتَدِرٍ لا يُغلَبُ، وَذي أناةٍ لا يَعجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجعَلني لِنَعمائِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلآلائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ“

بصيرة الإنسان المدفونة تحت إنكاره وجحوده تقابلها نعم لا تعرف الانقطاع، وفيض دائم لا تؤثر في استمراره.

معاصي البشر وإصرارهم على البغي والعدوان.

المعنى بين الدعاءين سجلتها فقرة في دعاء الإمام الحسين يوم عرفة.. ”إلهي مني ما يليق بلؤمي ومنك ما يليق بكرمك. إلهي كلما أخرسني لؤمي أنطقني كرمك، وكلما آيستني أوصافي اطمعتني مننك“.