إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ
قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: آية 183] كثير من الآيات المباركة في القرآن الكريم ورد فيها ذكر كلمة التقوى وفضلها ومكانتها، عظيمة الشأن جليلة المعنى لا تتم وتكتمل العبادات وكمال الدين إلا بالقيام بها، وكذلك ارتباطها الوثيق بمجمل الحياة الفردية والاجتماعية لكافة التعاملات اليومية، تعطي للحياة معنى من السمو والطهارة والمجتمع الفاضل من تحلى بها يرفع الله تعالى من شأنه في الحياة الدنيا والآخرة وهي خير ما يرتبط به العبد مع خالقه من ارتباط صادق ووثيق إيماناً واحتسابا حيث ترتبط فضيلة التقوى بمجمل مكارم الأخلاق من الوفاء والصدق والعدل والورع والبدل والعطاء والكرم وغيرها من الفضائل والتحلي بهذه الفضيلة المباركة تجنب مزالق السوء والغفلة والاستخفاف بالعبادة والعلاقات الاجتماعية من قول وفعل مما يبعد الفرد عن الطريق المستقيم.
قال إمام المتقين أمير المؤمنين علي : «الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر فخدوا من ممركم لمقركم» شهر رمضان المبارك بأيامه ولياليه الإيمانيّة المباركة حيث يوثق الارتباط بالله تعالى والعمل الصالح عن باقي الأيام والليالي، من تلاوة القرآن الكريم والأدعية المباركة والصيام مما يرقق القلب ويزكي النفس مما يجعلها في حالة نفسية مهيأة لعمل الخير والارتقاء بمكارم الأخلاق هذا الشهر الفضيل شهر القرب من كل عمل صالح لا يجب أن تمر مرور الكرام وتذهب هذرا مما تجلب الحسرة والندامة، استغلال أيام وليالي هذا الشهر المبارك بالمثابرة والجد والاجتهاد لترويض النفس الأمارة بالسوء وأن يفوز كلا حسب عمله وما يبدله وما يصبر عليه ليفوز بالجهاد الأكبر جهاد النفس والتغلب على وسوسة الشيطان المتربص بالإنسان، ليرتقي ويكون مع المتقين وهي سمة من سمات سادات الخلق أهل البيت . قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [يونس: آية 63,64].
فالتقوى كما جاءت في الآيات ليس فقط في العبادات رغم أن العبادة لا تكتمل إلا بالتقوى، بل تشمل جميع الأمور الحياتية والعلاقات الاجتماعية، بين الفرد وبين نفسه وبينه وبين أسرته وعائلته ومجتمعه وصولا لكل من يختلف معه في رأي أو توجه.
قال الإمام الصادق : «معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا قولوا للناس حسنا، واحفظوا ألسنتكم، وكفوها عن الفضول وقبيح القول» التقوى خير ما يتصف به الإنسان ليكون مصداق لمن اتبع وهم أهل البيت وانتهج سبيلهم، فهم الخالدة ذكراهم الباقية مناقبهم، أثروا في مجتمعهم رغم قساوة المراحل التي عاشوها، كان تأثير التقوى في عبادتهم ومجمل علاقاتهم بالآخرين، ترفعوا عن الصغائر، وحافظوا على الجوارح كان ديدنهم الصبر والتسامح والعمل على وحدة الأمة.
عبّر أمير المؤمنين بأجمل التعابير عنها قائلًا: «إنّ تقوى الله عمارة الدين وعماد اليقين، وإنّها لمفتاح صلاح ومصباح نجاح» الاتباع اليوم في أمس الحاجة لمثل هذه القيم والتمسك بحبلهم، فالوقت مهم في مثل هذه الأيام المباركة وعدم تضييعه والانشغال بسفاسف الأمور من وسائل التواصل الحديثة والجلوس في المقاهي ومتابعة البرامج التلفزيونية والجلوس في الديوانيات غير الهادفة، كل ذلك لا تصنع فرد تقي ورجال يتحملون المسؤولية، تقبل الله سبحانه وتعالى أعمال الجميع بحق الصلاة على الرسول الأمين وآل بيته عليهم جميعاً أزكى وأعطر الصلاة والسلام.