دراسة جمعت بين نظريتين رائدتين فسرت بشكل أفضل مدى وسبب تعاون الناس مع بعضهم بعض
22 فبراير 2024
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 51 لسنة 2024
Research combines two leading theories to better explain how and why people cooperate with one another
February 22,2024
فريق من الباحثين في علم الاقتصاد من سويسرا وألمانيا اكتشف، وذلك بعد اجراء اختبار على نمادج، أن النظريتين الرائدتين المطروحتين لتفسير سبب تعاون الناس مع بعضهم بعض ربما لم تكونا نظريتين ناهضتين تحت الفحص الدقيق لو لم تؤخذا معًا. في ورقتهم [1] المنشورة في مجلة نتشر Nature، وصف فريق البحث كيف أثبتت الاختبارات على النماذج وكذلك الاختبارات الميدانية أنه فقط عند دمج النظريتين معًا، استطاع الفريق أن يوصف ويفسر السيناريوهات التي من خلالها يتعاون الناس مع بعضهم بعض.
يتعاون الناس مع بعضهم بعض على مستويات وأصعدة مختلفة وفي أنواع مختلفة من المواقف والأوضاع والحالات. تفيد الدراسات بأن السبب وراء تطور البشر بطريقة تعزز التعاون بينهم هو أنه يؤدي إلى مردود في النهاية لكل الأطراف المتعاونة [الكل رابح]. وقد أثبتت مثل هذه الدراسات أيضًا أنه من الأسهل كثيرًا تفسير مدى وسبب نجاح المعاملة بالمثل [التعاون التبادلي] عندما يكون من الواضح أن من يقوم بالعمل أولًا لا يقوم به إلّا أنه في قرارة نفسه متأكدْ بشكل معقول من أنه سيرى الشخص الآخر مستقيلًا على الأرجح وسيبادله المعاملة بالمثل.
والأمر الأكثر صعوبة هو تفسير لماذا ينخرط الناس بعض الأحيان في سلوكيات يُنظر إليها عادة على أنها الخطوة الأولى من خطوات التعاون المتبادل، عندما لا يكون هناك ضمان ولا وعد بأنهم سيرون من قدموا له الخدمة [المتلقي للخدمة] مرة أخرى مستقبلًا، وبالتالي قد لا يحصلون على المردود المرجو [مما يعني أن المعاملة هي من صنف خاسر - رابح]. وفي هذه الدراسة الجديدة، اختبر فريق البحث النظريتين اللتين حاولتا تفسير مثل هذا السلوك.
بدأ الباحثون جهودهم بالإشارة إلى وجود نظريتين رائدتين تفسران هذا السلوك؛ إحدى النظريتين تفرض ظهور سلوك محيط بسلسلة الأسلاف والقواعد الاجتماعية [المترجم: الاحتمالية المرتفعة لتعاون الأقرباء مع بعضهم وذلك للحفاظ على السمعة الشخصية لجميع الأطراف. وربما لئلا ينقطع سبيل المعروف، كما استفدناه من الورقة المنشورة في مجلة نتشر [1] ] التي تحكم تصرفاتهم والتي تشكلت بمرور الزمن. والنظرية الثانية التي تشير إلى أن مثل هذا السلوك يرجع إلى التنافس بين الجماعات المختلفة [بين أفراد من جماعات مختلفة عن بعضها].
أنشأ الفريق نماذج لاختبار كلتا النظريتين، ووجد أن أيًا من المقاربتين [كل منهما على حدة] لم تؤدِ إلى دعمٍ يمكن الوثوق به لمبدأ المعاملة بالمثل، ولا إلى المردود المرجو على سلوك التعاون المستمر. لكن الفريق وجد أنه عندما جمعوا النظريتين معًا، سارت الأمور بشكل أفضل بكثير. مما يمكن أن تؤدي تفاعلات متكررة بين أفراد الجماعة، على الرغم من وجود تنافس أيضًا، إلى تعاون فائق [أي ما يفوق حاصل جمع فوائد التعاون بين الأطراف معًا]، حيث تتفاعل الآليتان بشكل تآزري لدعم مستويات عالية من التعاون بين الأفراد المنضوين تحت نفس الجماعة ولكن مستويات منخفضة من التعاون مع غيرهم من جماعة أخرى [غير جماعتهم].
ذهب الفريق إلى دولة بابوا غينيا الجديدة في المحيط الهادي لاختبار أفكارهم على مجموعتين من أشخاص يعيشون هناك، قبيلة بيريبكا Perepka ونجينيك Ngenika. في التجارب التي شملت إعطاء مبلغ من المال لأحد الأشخاص وطلبوا منه مشاركته مع شريك من داخل أو من خارج الجماعة «من داخل قبيلة الشخص أو شخص من القبيلة الأخرى»، وجدوا أن تطبيق كلتا النظريتين أدى إلى نتائج مماثلة لتلك التي وجدوها من نماذج الدراسة التي اختبروها نظريًا، مما عزز فكرة أن التعاون بين أفراد الجماعة «أفراد قبيلة الشخص نفسه» كان أكثر وأقوى من التعاون بين أفراد من جماعة «قبيلة» مختلفة.