آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 11:37 م

تحدثوا مع الله بكل التفاصيل

برير السادة

قد لا يمنحنا الأصدقاء، وأقرب المقربين فرصة لنقول لهم كل شي خصوصا تلك الأسرار والهموم التي تعتلج في صدورنا، وتسبب لنا كآبة، وضجر إن لم نتحدث عنها.

أقدر انشغال الأصدقاء، وأظهر كل مشاعر الاحترام والود لمن يهبني بعضا من وقته، ويصغي لكلامي باهتمام، ولكن ثمة ما يمنعني عن الاندفاع في قول كل شي، حتى لا يتلاشى الغموض المحيط بي، وتنكشف كل أسراري.

أما في ساحة الله وفي فنائه وعند بابه، فأقول كل شيء، أتحدث عن السيارة، وإشارة المرور، والازدحام، والأسعار، والمواقف التي تتسبب في ألمي، وإحراجي، أحكي كل تفاصيل اليوم ومعاركه، أحمل سلتي بخيرها وشرها واضعها بين يديه.

الحديث مع الله سيرة قرآنية، برزت تفاصيلها على لسان أنبياء الله ورسله، نبي الله نوح تحدث بمرارة عن إعراض قومه عن عبادة الله: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا [نوح: آية -1,7].

وزكريا عن أمله في أن يكون له ولد: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [آل عمران: آية 38].

وإبراهيم عن إحياء الموتى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة: آية 260]

وكان نبينا الأعظم ﷺ يقوم بذات العمل، ويحكي كل تفاصيل الخذلان التي يتعرض لها ”أشكو إليك ضعفي وقلة حيلتي وهواني على الناس، إلى من تكلني؟!“

وذات الفكرة سجلها الإمام زين العابدين في دعاء التوبة ”وَأَبَثَّكَ مِنْ سِرِّهِ مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ خُضُوعاً وَعَدَّدَ مِنْ ذُنُوبِهِ مَا أَنْتَ أَحْصى لَهَا خُشُوعاً“.