تجربة الحب الهندية 3 / 3
رغم المئات من اللغات في الهند، ورغم عشرات الأديان والمذاهب، ورغم التعددية العرقية، فإن الهنود يتشاركون في هويات متعددة أخرى، فالهندوس والمسلمون والسيخ والمسيحيون بالهند، مثلاً، لا يتشاطرون جنسية واحدة فحسب، بل يمكن أن يتشاطروا هويات أخرى كذلك، حسب الفرد، كاللغة، والأدب، والمهنة، والمكان، والعادات والتقاليد، وكثير من أسس التصنيف الأخرى. لذا لا غرابة من وجود تداخل وتزاوج واندماج أسري واجتماعي بين أهل الهويات المختلفة في الهند بمحبة وسلام.
وقد جاء في دراسة بعنوان ”التعددية الدينية والاستقرار السياسي في الهند 2007-2016“ للباحثة ياسمين حسين عباس أحمد، وإشراف الدكتورة هدى متكيس، أنه وعلى الرغم من أن الأغلبية من السكان تدين بالديانة الهندوسية، إلا أن الدستور الهندي ينص على أن الدولة لا دين لها، أي أنها دولة“علمانية”، وأنها تتعامل مع الديانات جميعاً على قدم المساواة. ويساهم في تعزيز ذلك أن من سمات المجتمع الهندي الأخرى، أن الثقافة الهندية تتميز بالمحبة والتسامح.
من جهة أخرى، لم يكن أحد يتوقع أن حكم ما يزيد على المليار وأربعمائة مليون نسمة مهمة تخلو من الصعوبة؛ وهنا تُصنّف الهند والصين في فئة خاصة من حيث صعوبة الإدارة السياسية لأنظمة حكم ضخمة. لذلك فالعالم يتطلع إلى الهند ليأخذ منها درساً في التعايش السلمي واحترام التعدديات والتسامح، وهي تمتلك بالفعل ما يؤهلها لتكون نموذجاً يُحتذى به، فهي ذات نظام جمهوري ديمقراطي ومبادئ علمانية وتعتبر من أهم الدول في النمو الاقتصادي. لذا فإن مسألة الاختيار الديمقراطي أصبحت شيئاً ملحاً وضرورياً لإدارة مثل هذه التركيبية السكانية شديدة التنوع.
يمكننا القول بأن الهند نجحت في إدارة هذا التعداد السكاني الضخم بهوياته المختلفة وهو ما جعلها تعد اليوم ثاني أسرع اقتصاد بعد الصين. بل إن من عوامل قوتها أنها أصبحت اليوم واحدة من أنجح الدول الديمقراطية والمستقلة في العصر الحديث، بعد أن كانت في الماضي تتكون من مئات الممالك والإقطاعيات المتفرقة، ولأن القرون التي سبقت الاستقلال كانت تتميز بعدم وجود العدالة الاجتماعية والاقتصادية، فقد ركزت على تحقيق العدالة وإصدار التشريعات الخاصة بها، التي بدورها ساهمت في تحقيق الاستقرار السياسي.
وفي الملف المرفق فائدة مكملة بعنوان ”معجزة الهند الاقتصادية“: