تجربة الحب الهندية 2/ 3
النموذج الهندي للتعايش بمحبة وتسامح بحيث وصل إلى تزاوج أهل الهويات المختلفة بشكل سلس بين الناس. هذا النموذج يركز على إقامة المجتمع المدني الديمقراطي والمساواة بين المواطنين وإشراك جميع المناطق في إدارة البلاد. فالهند التي بلغ تعدادها السكاني ما يقارب مليار وأربعمائة مليون نسمة، موزعة على 21 ولاية، وصدر دستور الهند عام 1950 م حيث عمل جواهر لآل نهرو على تأسيسه وترسيخه، لضمان وحدة البلاد مما أتاح لمختلف المناطق الهندية الاشتراك في حكومة الاتحاد الوطني. [1]
لذلك لم تنجح محاولات تدويل المشاكل الطائفية في الهند. بل يعتقد الكثيرون بأن الصراعات الطائفية، لا سيما بين الهندوس والسيخ، أو بين الهندوس والمسلمين، غالباً ما تكون لها ارتباطات خارجية. وهي صراعات شاذة على المسيرة العامة لتاريخ الهند العريق في تعايش أهل الهويات المختلفة. فقد أتاح دستور الهند لمختلف مناطق البلاد الاشتراك في حكومة الاتحاد الوطني. ونص على أن تتكون الهند من 21 ولاية تدير شؤونها حكومة فدرالية، ولكل ولاية مجلس وزراء وجمعية تشريعية ونظام قضائي خاص وعلى رأس كل ولاية حاكم يعينه رئيس الهند.
لذلك يقول الأستاذ الجامعي الدكتور علي الهيل: لم أقرأ قطُّ كتاباً في علم الاجتماع (سوسيولوجيا) Sociology أو في الأنثروبولوجيا Anthropology إلا ويثير مؤلفوه استغرابهم من التركيبة السكانية والديمغرافية والعقائدية والثقافية للشعب الهندي بصورة يندر - إن لم تكن معدومةً - وجودها في أي شعب آخر. في أحيانٍ كثيرة لا يستطيعوا أن يستوعبوا كيف يعيش الهنود في وسط هذا البحر العُباب من اللا تجانس المطلق. [2]
فالهند التي يعتز أبناء كل ولاية فيها بلغتهم (400 لغة منطوقة)، وحيث يوجد داخل ولايات الهند 544 لهجة، [3] ولأن اللغة صورة من صور الهوية للطوائف، قد أوضحت بعض نصوص الدستور الهندي بشكل لا لبس فيه كيفية التعامل مع مفردة اللغة، منها: في عام نصت المادة 29 من دستورها على احتفاظ كل طائفة بلغتها. كما نصت المواد 345-351 أحكاماً خاصة باللغات الإقليمية ولغات المحاكم. فمن الطبيعي أن تجد شخصاً يتحدث بلغة في البيت وأخرى في الشغل وثالثة في التسوق، ورابعة للممارسات الدينية أو التواصل مع بعض الأصدقاء.
وفي المقطع المرفق إفادة مكملة للموضوع بعنوان ”كيف حمى النظام الفيدرالي الهند من الانقسام؟“