هل السلام الآن هو لغة السلام..؟؟
السلام لغة مصدر مشتقة من الفعل سَلِمَ، ويعني الطمأنينة والأمان.
اصطلاحًا، يُعرّف السلام على أنه حالة من الأمان والسكينة، ومنافٍ للحرب. إنه لغة يتفق عليها جميع أصناف البشر بشتى أجناسهم، بل وحتى الحيوانات تفهم هذا المعنى وتدرك أنه لغة المحبة والرفق والإخاء. يمكن أن يُؤدّى بشتى السبل والطرق والوسائل.
قال تعالى: ﴿وإن جنحوا للسلم﴾ ، حيث اشتقّ الاسم من اسمه تعالى جل شأنه، كما أشار له القرآن الكريم في كثير من آياته، ودعا له في كل مناسبة يجتمع فيها المسلمون، وفي كل نقطة خلاف بين أي طرفين، كالأخوة والزوجين مثلًا.
وفي حديث النبي ﷺ: «البخيل من بخل بالسلام»، ويقول الإمام علي : «سنة الأخيار إفشاء السلام».
في هذين النصين الكثير من اللفتات المضيئة حول خلق السلام، حتى أن الأحاديث ذكرته بطرق متعددة وبأدق التفاصيل، سواء بالكلمة أو النظرة أو الإشارة أو الابتسامة، وسواء كان ذلك فردياً مع الآخر أم عامًا مع المجتمع.
لا يختلف اثنان على أثر ودور السلام على النفس والروح والأسرة والمجتمع. بل يعده بعض العلماء علاجًا لجميع الأمراض النفسية التي يعاني منها البعض، كالكبرياء والتعالي والغرور.
والمصيبة الأكبر هي تفشي ظاهرة عدم رد السلام، رغم أن رده واجب في الروايات، ولو كنت في الصلاة لعظمته.
ورغم أنه مستحب، إلا أنه العمل الوحيد الذي استحبابه أفضل من وجوبه.
ولو نظرنا لمسألة السلام سابقًا والآن، لوجدنا أن هناك فرقًا كبيرًا جدًا بينهما. حيث كانت في الماضي أروع لغة تدار بها حياة الناس بكل سهولة ويسر ودون تكلف، على عكس ما نرى الآن. فقد استخدمت كلغة للخصومة والمواجهة والخلاف.
قوله تعالى: ﴿وتحيتهم فيها سلام﴾ ، لكن هل لا زالت هذه التحية لغة حقيقية للسلام؟
نعم بالفعل، هي لغة تدعو للمحبة والتواصل والعطاء، إذا ما نظرنا للمعنى الصحيح لها، وكما أرادها الحق تعالى لنا. بل هي لغة أهل الجنة كما ذكرت الآية الشريفة: ﴿تحيتهم فيها سلام﴾ .
ولكن لماذا خالفنا معنى السلام؟
هناك أسباب دعت لذلك، أهمها:
- البعد عن تعاليم الدين.
- المغريات المادية للكثير.
- الجهل الذي طغى على البعض.
- الأمراض النفسية.
- التأثر بثقافات أخرى.
وعواقب التخلي عن السلام واضحة جلية، لأنه عبادة وسنة إلهية وضعها سبحانه للتواصل والتآخي بين أفراد البشر. ففي الحديث: «سلم على من عرفت ومن لم تعرف».
ومتى ما خالفنا هذه السنن، حلت بنا النقم والمصائب لاحقًا.
ولا شك أن الجميع يدرك أن السلام أوضح لغة في جميع الأمم والشعوب الأخرى: «صغيرًا وكبيرًا، أبيض وأسود، رجل وامرأة». وحتى الحيوان يفهم معنى هذه اللغة ويخضع بها للإنسان. وقد رأينا كثير منهم كيف يُروض حتى وإن كان حيوانًا مفترسًا.
وقد صدرت إحصائية عن معهد السلام عام 2022 م، جاء فيها أن قطر الأولى عربيًا وحلت في المرتبة 23 عالميًا من بين 163 دولة. وأن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي ”الأقل“ في مؤشر السلام العالمي للعام السابع على التوالي، رغم تحسن بعض المؤشرات ولكن بشكل طفيف.
ورسالتنا الموجهة لجميع الأحبة هي أنها لا تحتاج إلى إشارة أو توضيح، بل هي كالشمس في رابعة النهار. فقط يحتاج كل منا لفهم معنى السلام والعمل به حقيقةً لا شكلاً، وبنية صافية بعيدة عن كل المشاكل والاختلافات الشخصية والاجتماعية.
والسلام خير ختام.