آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 12:36 ص

تحولات الاستهلاك الغذائي

المهندس أمير الصالح *

من الملاحظ أن هناك منتجات عقارية مختلفة وخلاقة تواكب النمو والتوجهات الاقتصادية وتتيح الفرصة لتملك وحدة عقارية لأغلب الأفراد. ومن الملاحظ أن العقار كان وما زال سلعة حيوية واقتناءها مطلب أساسي لاستقرار النفوس. ولعل البعض أدرك أن التملك العقاري لمتوسطي الدخل قد توسع نطاقه في الآونة الأخيرة ليشمل شرائح عديدة من محدودي الدخل المالي. فالمساحات للأراضي المخططة للعائلة الواحدة كانت في متوسطها في المدن الكبرى في بعض الدول لا تقل عن 625 -700 م 2، ثم تقلصت إلى مساحة 500 م 2، ثم تكيف البعض في مساحة 450 م 2، ثم أفرزت منتجات عقارية جديدة وتقلصت إلى مساحة 375 م 2 «أرض بلدية كما كان يُطلق عليها قبل 45 سنة تقريبًا في حواضرنا»، ثم تكييف البعض في العيش بمساحة 250 م، وحاليًا شاهدنا فن إدارة تصاميم الدبلكسات المنفردة والمتلاصقة بمساحة 200 م 2 لتواكب الاحتياجات والإمكانيات للأفراد. وكذلك تحول البعض من محبي امتلاك العقار من المنازل والفلل إلى السعي لتملك شقق في مباني بأدوار متعددة بمساحة 100 - 170 م 2. ويقال بأن هناك أيضًا شقق تمليك مساحة 64 م 2. ولرفع الحرج في موضوع الضيافة وحجم أفراد الأسر، واكب ذلك التحول العقاري استيعاب مفهوم وقبول انعقاد الضيافة خارج المنزل سواء بالمطاعم أو الاستراحات أو المقاهي. وكذلك أخذ الزوجان حديثًا يتدارسان بجد ويخططون بفعالية وصدق وأمانة ووضوح لالتزام بحجم عدد أفراد عائلتهم مسبقًا.

هكذا تحول في أنماط اقتناء السكن والمساحات المستغلة للمعيشة طبقًا للقدرات المالية للمشتري / المستهلك، جعل البعض يبرمج فواتيره في الكهرباء والماء من جهة وجعل البعض يستنزف حصة كبيرة من موارده المالية في بند الطعام والترفيه والملابس. ولعل بند الترفيه حديث الإدراج لدى بعض العوائل. ولكن بند مصروفات الطعام والملابس أساسي. إلا أن الترشيد وفن إدارة الاستهلاك للأطعمة لم يتم تطويره لأن هناك مفاهيم اجتماعية لم تواكب روح العصر. فمفهوم الكرم في الطعام والإيدام في الضيافة كان وما زال مقترنًا بوفرة المعروض منه يصل حد البذخ في عرضه وقد يصل لمرحلة الاستعراض في تقديمه وطول طاولة المائدة وكثرة أصنافها حد لا يمكن عقلنته! وبلغ كما ورد لي حديثًا حد التفاخر بأن يتم تقديم طبق يتضمن خروف كامل لكل ضيف من الضيوف! بل وصل البعض لديه حد التفاخر بأن يحجز كامل أحد المطاعم له ويدفع فاتورة يومية المطعم لذاك اليوم كاملًا «100. - 150 ألف ريال سعودي «تقريبًا 30 - 47 ألف دولار أمريكي»»!!!!!

كنت أتطلع مع تضخم الأسعار لبعض السلع لا سيما فترة جائحة كورونا، أن يزيد الوعي باقتصاديات الأكل. وكنت أتطلع مع مخاطر خروج الوالدين للعمل أو جلب الطعام في أيام الحظر الصحي في وقت جائحة كورونا أن يستوعب الأبناء أهمية ما يتم إحضاره وإعداده لهم من طعام. وكنت أتطلع إلى تجذير ثقافة ”اطبخ على قد الاستهلاك“. أتمنى مع نمو الوعي لدى البعض في حسن استغلال مساحات الوحدات السكنية وتفعيل المثل الشعبي ”مد رجليك على قد اللحاف“، أتمنى أن ينمو الوعي في حصر ودراسة ومراقبة كل ربة / رب أسرة في كل عائلة لكمية احتياجاتها من الطعام والشراب لتجنب استنزاف الطعام ومناظر تكدس الفائض في صناديق القمامة. فائض موائد الأعراس / المناسبات / إفطار رمضان / …. الخ يجعل كل شخص واع وذو قلب نابض بالشكر لله، أكثر حرصًا على تبني الترشيد في كمية الطعام المعد للأبناء أو الضيوف ويواظب على أهمية طلب تأكيد الاستجابة للمدعويين لأي دعوة يطلقها بهدف حصر أعداد المدعوين وإعداد الكميات المناسبة طبقًا لذلك. وبدوام الشكر تدوم النعم.