آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

الشاعر الولائي.. الجامع والكاظمي نموذج

أحمد رضا الزيلعي

الآنية [1]  في هذه الدنيا كثيرة والحاذق من يوظفها ليضع فيها الزاد الذي ينفعه حاضراً ومستقبلاً، وكما ينقل ”الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق“ لذا أذكى هؤلاء الناس من وظف أعماله المباحة لتكون طريقاً إلى الله عز وجل فضلاً عن عمله المستحبات، وذلك بتوظيف إمكانياته في هذا الطريق سواء علمية أم عملية.

من الصور الرائعة والحاذقة التي استغلت ما حباها الله سبحانه وتعالى من عطايا هم الشعراء الولائيون والشعراء الذين كتبوا في أغراض الشعر، ولم يُغفلوا الغرض الولائي بدأً بشعراء النبي الأعظم ﷺ والركب مستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فالقائمة طويلة جداً ولكني أحببت أن أتحدث عن شاعرين تابعت نتاجهما المتواصل الذي عكس لي أنه عبارة عن عمل مدروس ومقنن وممنهج ومرتكز على وعي ديني وثقافي ألا وهما الشاعران الولائيان الشاعر الأستاذ أبا رضا حسين بن ملا حسن آل جامع وعميد القصيدة الحسينية [2]  الأديب الكبير أبا علي جابر الكاظمي، الذين وظفا مهارتهما الأدبية في خدمة أهل البيت أيما توظيف يغبطون عليه.

فالأستاذ الجامع الشاعر الوحيد الذي تصلنا قصائده العمودية في كل مناسبة من مناسبات أهل البيت منذ أربع سنوات، وهذه حالة فريدة من نوعها على شبكات وسائل التواصل الاجتماعي مع العلم أن له ثلاثة دواوين مطبوعة في فلك أهل البيت إلا أن عطاؤه الوفي يأبى أن يكتفي بتلك الدواوين كخدمة لأسياده متعه المولى بالحشر معهم يوم يلقاهم. وهو أديب كشاعر وأديب كإنسان خلوق متواضع هذبه ولاؤه لمحمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين حيث تجلى ذلك لي بأروع صورة من خلال علاقتي معه عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي فللّه دره من مدرسة ولائية تستحق أن تُحتذى وعلى الله أجره.

وأما الأديب الكاظمي فهو أشهر من أُعرفه؛ لأنه قد وصل حرفه السامي إلى أصقاع العالم من خلال الحناجر الولائية الذهبية للملالي الكبار، خصوصاً الأستاذ باسم الكربلائي. نعم في الساحة كثير من الشعراء، خصوصاً من جيله، ولكن الذي أثار إعجابي هو كثرة العطاء الوفي السخي الذي نتج عن كتابته اليومية للشعر الولائي في الحسين خصوصاً وأهل البيت عموماً حيث يرى أن هذا طريق عبادي مثله مثل التقرب بالصوم أو الصلاة وغيرهما، وفقاً لما صرح في إحدى لقاءاته. والآن له ثلاثون جزءاً من ديوانه الموسوم بـ ”الدموع الناطقة“ وهو يعمل على إخراجه كموسوعة مصنفة بأنواعه فصيح ودارج وقصائد قعدة ونعي ولطم وأبوذيات وموالات وميمر وغيرها من التصنيفات التي وضعها. ومن أبرز روائعه ألف بيت في أهل البيت وألف أبوذية و 313 بيتاً ميمر. واقعاً كتابة هذا العدد من الأبوذيات والميمر وغيرها من الموالات وأبوذية الزنجيل «وهذه الأنواع من الشعر مشهورة في العراق غالباً» وحده دليلٌ كافٍ على فحولة هذا الشاعر النادر. والنقطة المهمة التي ينبغي تسليط الضوء عليها هي مهارته المشهودة في جميع أغراض الشعر التي يطرب لها أغلب الناس، ويستطيع من يحسن الكتابة فيها أن يكتسح الساحة ويحصد آلاف المعجبين والشهرة والأموال وما إلى ذلك، لكن أديبنا القدير زهد زهداً محموداً في هذه الدنيا الزائلة وسلك هذا الطريق الإلهي الذي زهد فيه رعيل من الشعراء الذين اكتفى بعضهم بقصيدة أو قصيدتين والبعض لم يكتب في مدح النبي وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم بيتاً واحداً والأعجب من ذلك أن ركب الزهد في الشعر الولائي لازال يحدو به الحادي وكأن الكتابة عن النبي ﷺ وعترته الطاهرة ليس واجباً عقلياً على أمته أو قل مستحب من باب شكر المنعم. وهل هناك منعم بعد الله تبارك وتعالى مثل النبي وآله الطاهرين صلوات الله عليهم؟ وهل كتابة الشعر الولائي تخدش صورة الكتابة في أغراض الشعر الأخرى أم أن النبي وآله لا يستحقون ديواناً شعرياً سنوياً أو قصيدة حولية كقصائد الفذ السيد حيدر الحلي رضوان الله عليه؟

الجامع والكاظمي نموذج وفي الساحة كثير جداً من الشعراء الذين يستحقون الإشادة بهم وأنا أقل من أن أفضل أحدهم على الآخر فهناك رائعون ومبدعون نكتفي بذكر بعض المشهورين منهم على الساحة كالسيد سعيد الصافي الرميثي ومهدي جناح الكاظمي وعلي عسيلي العاملي وعبد الله القرمزي وعلي السقاي ونادر التتان وميرزا عادل أشكناني ولؤي حبيب الهلال وبدر الدريع ومحمد الحرز وحسين العندليب والشيخ وسام الشويلي وأبو فاطمة العبودي ود. أحمد العلياوي والقائمة تطول وإن قصرنا مع الآخرين فالحسين لا يقصر أبداً أبداً. وكما قال الكاظمي في قصيدته عن العباس ومالك الأشتر رضوان الله عليه «الجزء 27 الدموع الناطقة»:

ناشدت التاريخ وقال

دنيا وما تخلى من ارجال

همسة روائية

روي عن الإمام الصادق : من قال فينا بيت شعر بنى الله تعالى له بيتا في الجنة [3] .

[1]  إناء وعاءٌ للطَّعام أو الشَّراب.

[2]  من قال ذلك عنه هو آية الله الشيخ الكرباسي دام عطاؤه في موسوعته التي جاوزت ال 600 مجلد والموسومة بـ ”دائرة المعارف الحسينية“.

[3]  بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 26 - الصفحة 231