المتعالي في آرائه وأفكاره
تلاحظ في أغلب الحوارات التي تدار بين بعض المثقفين في قضايا مختلفة والمتعلقة بحياتنا العامة وما يرتبط بها من جوانب متعددة الرؤى والنظرة، فترى هناك من يتصدى بقوة في تهوين من لا يتفق معه، ويكيل بعض التعابير التي لا تناسب من اختلف معه في وجهات النظر، ليتباهى أمام المحاور الآخر بأنه أكثر علما ودراية في تحليلاته التي يتشدق بها أمام جلسائه الآخرين، كونه من حاملي الشهادات العليا، ومن أصحاب النظرة والرأي الصائب والسبّاق في طرح المعلومات والأفكار التي تخص الحدث المطروح ليقطع الطريق على كل من لا يتفق معه، وبذلك يغلق الباب على الآخرين في إبداء وجهات نظرهم.
ألا ينم كل ذلك عن الأنانية وحب الذات وعدم الإنصاف الذي يتجسد بمعنى الكلمة عند هذه الشخصية المتعالية التي لا ترى الآخرين وما يطلقه عليهم بأنصاف المتعلمين، فنسى وتناسى أنهم ربما يتفوقون عليه بما يملكون من ثقافة عالية متنوعة وتجارب كثيرة وخبرة متميزة ومعلومات ربما يجهلها من يتفاخر بشهاداته التي قد يقال عنها... علمت شيئا وغابت عنك أشياء، وهذه حقيقة واقعة تسندها الوقائع في ميادين كثيرة عند النزال في نقل المعلومة أو تحليل مجريات الأمور، هنا لا نريد التقليل من أطروحاته وآرائه التي يبديها، ولكن ليس على حساب الآخرين؛ لأن الثقافة والاطلاع لها باع طويل عند مريديها ومتابعيها.