الكتابة وصيد التماسيح
الكتابة، كانت وما زالت وستبقى، حرفة معقدة وملتبسة وخطيرة، تختلف كثيراً عن غيرها من المهن والحرف والمجالات، ولعلّ أفضل من وصف مهنة الكتابة، هو الأديب والشاعر السوري عادل محمود، حيث قال عنها: ”الكتابة أصعب مهنة في التاريخ باستثناء صيد التماسيح“.
عالم الكتابة مختلف بأشكاله ومستوياته، وهنا سأحاول قدر الإمكان والاستطاعة وبشيء من الاختصار والاختزال، وضع خمس من الأفكار والطرق والأدوات والمحتوى والمرتكزات التي ستساعد الأجيال الواعدة للوصول إلى مداءات مهمة ونجاحات كبرى في الكتابة:
الأولى وهي ”المعرفة الجيدة“ بالموضوع الذي تُريد أن تكتب، وهذا يتطلب الكثير من الوقت والجهد والبحث والصبر والمراجعة، كل ذلك من أجل صناعة ”محتوى جيد“ يُفيد القارئ.
الثانية وتتمثل في ”الهدف“ من ذلك المحتوى، وهنا تبرز مشكلة معقدة، وهي ضياع الهدف وسط زحمة الأفكار والرؤى والقناعات، الأمر الذي يجعل القارئ في حيرة وربكة وتشتت، ويضل طريقه للوصول إلى الهدف من كتابة ذلك النص أو المحتوى.
الثالثة وهي ”الأسلوب“ الذي يُعرض فيه النص، والذي يجب أن يتناسب مع طبيعة المرحلة، فمن غير الملائم على الإطلاق أن يستمر الكاتب في استخدام تلك الأشكال والأساليب التقليدية في الكتابة، وسط هذا الطوفان الهائل من التطبيقات والبرامج الحديثة التي تتسارع وتتغير بشكل لحظي.
الرابعة وهي ”القدرة على التعلّم والتدرّب“ بشكل مستمر ومتطور، إضافة إلى الاستفادة من التجارب والخبرات الحديثة في عالم الكتابة، ومراقبة ”الخط الزمني“ لمسيرة الكتابة لمعرفة حجم التطور أو التراجع.
الخامسة، وهي الأداة الأهم على الإطلاق، وتتمثل في ”مستوى الوعي“ الذي يحمله الكاتب. الوعي الذي يستشعر قيمة الوطن بكل ملامحه وتفاصيله المتنوعة، والوعي الذي يدعو للتسامح والتآخي واستشعار قيمة وخطورة وتأثير الكتابة.
الكتابة مهنة صعبة وشائكة، رغم جاذبيتها ووهجها، وهي تماماً كما وصفها الكاتب والروائي الكولومبي الشهير جابرييل جارسيا ماركيز صاحب رواية ”مئة عام من العزلة“ والحاصل على جائزة نوبل للآداب لعام 1982: ”الكتابة مهنة خطيرة، إذ لا مهنة غيرها تتطلب قدراً كبيراً من الوقت، وقدراً كبيراً من العمل، وقدراً كبيراً من التفاني مقارنة بفوائدها الآنية“.