دروس من أبونتو Ubuntu «الإنسانية» في كيفية التعامل مع المصابين بإعاقة - دراسة لطقوس شعب بومفانا الجنوب أفريقي
بقلم نومفو دوادوا - هندا، زميل ما بعد الدكتوراه في المركز الأفريقي لإدارة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، جامعة ستيلينبوش
9 نوفمبر 2023
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 361 لسنة 2023
Ubuntu offers lessons in how to treat people with disabilities - a study of Bomvana rituals
Nomvo Dwadwa-Henda Postdoctoral Fellow at the Africa Centre for HIV/Aids Management، Stellenbosch University
November 9,2023
بينت الدراسات أن المصابين بإعاقات دائمًا مايكونون مستبعدين علمية [1] ومهمشين [2] إلى حد كبير من قبل المجتمعات في جميع أنحاء المعمورة.
بمرور الزمن، أصبحت اللغة المستخدمة لوصف الإعاقة أكثر إيجابية وشمولية بشكل عام. [المترجم: اللغة الشمولية هي اللغة المستخدمة التي تخلو من عبارات أو تعابير عنصرية أو متحيزة لأي جماعة وما إلى ذلك، بحسب التعريف [3] ]. يدعو الكثير من الفعاليات النشطة إلى استخدام عبارة ”الناس / الأشخاص المصابين بإعاقة“ وليست عبارة ”الأشخاص المعاقين“. لكن مع ذلك تظل هذه اللغة سلبية بالنسبة للعديد من السكان الأصليين في أرجاء العالم. بالنسبة لهم، تعتبر كلمة ”إعاقة“ تشويه سمعة «وصمة عار» لأنه لا يوجد مثل هذا المصطلح في قاموسهم اللغوي. ويعتبر أيضًا تحريفًا لمعتقداتهم التقليدية فيما يتعلق بضعف أو تلف القوى العقلية و/ إو البدنية.
في الحياة القروية التقليدية، مجتمع الكوسا [5] Xhosa من شعب أمابومڤان AmaBomvane «ويطلق عليهم أيضًا بومڤان Bomvane» وهي جماعة عرقية من مقاطعة كيب الشرقية في جنوب أفريقيا لا يعتبر الشخص معاقًا. طقوسهم لا تسمح لهم بالتمييز بين الأشخاص - فنظرتهم الكونية [6] مبنية على الجماعية [7] وعلى أوبونتو [8,9]. أوبونتو [8,9] unbuntu هي فلسفة أفريقية تعمل على تعزيز الصالح العام للمجتمع وتشمل حب الخير للناس [أو الرحمة الإنسانية [10] humanness أو Ren في الفلسفة الصينية]؛ كل شخص هو جزء لا يتجزأ من المجتمع.
مقطع فيديو عن أوبونتو:
وفي الكثير من الثقافات الأخرى، يُنظر إلى المصابين بالإعاقة على أنهم شاذون عن ”القاعدة“ [يختلفون عن بقية الناس] [11] .
للحصول على درجة الدكتورا [12] في علوم الصحة وإعادة التأهيل، قضيت ثلاث سنوات في دراسة مشاعر الأشخاص المصابين بالإعاقة عندما خضعوا لطقوس وتقاليد الكوسا. رغبتُ في معرفة كيف تساعد الطقوس على تحسين الصحة والرفاهية [13,14].
لقد وجدتُ أن الصحة الجيدة والرفاهية تعتمد على الطقوس التي تمثل جوهر الحياة بين شعب «قبائل» بومڤانا Bomvana. والصحة الجيدة هي للجميع، بما فيهم المصابين بإعاقة. لا يمكنهم تجريدهم من الصحة، لأن الجميع سواء. يقدم هذا التوجه لنا دروسًا في دمج وإشراك المصابين بالإعاقة في المجتمع كجزء لا يتجزء منه.
الدراسة
لهذه الدراسة، اختير 50 شخصًا لإجراء مقابلات معهم ومع مجموعات التركيز [15] من ثلاث قرى ريفية - قرى غوسي Gusi وهوبيني Hobeni وإكسهورا Xhora في منطقة إليوتديل Elliotdale - بمساعدة الزعماء وأفراد المجتمع هناك. وكان من بينهم أشخاص مصابين بإعاقة تزيد أعمارهم عن 18 سنة «والذين كانوا قادرين على الإجابة على أسئلتنا»، وأصحاب المعرفة المحليين من كبار السن [وهم من عناصر المجتمعات الأصلية والمحلية الذين لديهم معرفة بمختلف جوانب وأشكال المعرفة المحلية والذين عادة ما يتمتعون بتقدير بين مجتمعهم، بحسب التعريف [16] ] ومقدمي الرعاية وأولياء أمور الأشخاص المصابين بالإعاقة والقابلات التقليديات والمعالجين التقليديين وجراح ختان تقليدي وأخصائي اجتماعي.
يُعرف شعب بومڤانا بال المغرة الحمراء «صبغة معينة» [17] » يضعونها على وجوههم للتزين وألفحة «أغطية» حمراء جميلة مزينة بالخرز يرتدونها في المناسبات الشعبية. لـ أمابومڤان AmaBomvane منظومة «طريقة» اعتقادية [18,19] قوية تعزز الاستمرارية الثقافية عبر الأجيال المتعاقبة، مما يضمن عدم الخلو من زعامة تقوم بأداء الطقوس والتقاليد. ومشاركتهم في التنظيم الاجتماعي [التنظيم إلا - تماعي هو أنساق من العلاقات بين الأشخاص أو بين الجماعات الاجتماعية، بحسب التعريف] تضمن لهم عدم فقذان المعارف التقليدية [20] تتناقلها الأجيال شفويًا من جيل إلى الجيل الذي بعده لأنها تشكل هوية الناس الثقافية والروحانية.
ركزت دراستي على ثلاثة طقوس تمثل مراحل مهمة في حياة الإنسان:
1 - طقوس إيفوكويني Efukwini «خلف الباب» [21] ، الذي يوفر مساحة مقدسة للولادة حيث تظل الأم والرضيع منفصلين عن بقية أفراد الأسرة لمدة 10 أيام لحماية الطفل من قوى الشر. عندما تكون الأم المرضعة مختلية مع رضيعها عن بقية الأسرة خلال هذه الفترة، يعتقد شعب الكوسا أن الطفل مرتبط بأسلافه لحمايته والاعتراف به كعضو من أعضاء الأسرة، بما فيهم جميع المصابين بالإعاقة.
2 - طقوس إنتونجانIntojane «طقوس تأهيل الفتاة إلى الانتقال إلى مرحلة المرأة الكاملة womanhood» [22] ، وهي طقوس انتقال الفتاة إلى مرحلة المرأة الكاملة، وتجرى هذه الطقوس بعد حدوث الدورة الشهرية الأولى وحفل زفافها [المترجم: للمعلومية لا تُجرى للفتاة في هذا الشعب عملية ختان]. تقام هذه الطقوس لجميع الشابات، بغض النظر عما إذا كن مصابات بالإعاقة.
3 - طقوس أولوالوكو Ulwaluko «طقوس ختان الذكور التقليدي» [23] ، حيث يكتسب الأولاد طريقة تشكيل هوياتهم ومسؤولياتهم الاجتماعية كرجال. ينتمي الشخص المصاب بالإعاقة إلى المجتمع ولا يجوز استبعاده من هذه الطقوس. ويجب تعليم جميع الفتيان كيف يصبحون رجالاً، بغض النظر عن اصابتهم بإعاقات.
نتايج الدراسة
يعامل شعب أمابومڤان AmaBomvane المصابين بالإعاقة بكرامة واحترام في إطار الطقوس التي يقيمونها. ويُعتقد أنه إذا لم يفعلوا ذلك، فسترفض أسلافهم هذه الطقوس ويعمهم النحس. ويعتقد شعب بومڤانا أيضًا أنه يمكن الوقاية من المرض وذلك بأداء طقوس للأسلاف، الذين يُنظر إليهم على أنهم وسطاء بين الله والناس. الطقوس التي يقيمونها تمنحهم الصحة والاستقرار والصمود في وجه المصاعب.
لقد وجدتُ أن الطقوس توفر مساحة آمنة للمصابين بالإعاقة بحكم كونها شمولية [غير متحيزة أو مسبتبعدة لأحد]، وهذا مما يبعث على الاحترام والرحمة بينهم.
مفهوم شعب بومڤانا للإعاقة أيضًا مرتبط بالروحانية وطرق المعارف التقليدية [20] . يُنظر إلى الإعاقة على أنها إعاقة خارج الجسم [12] : الإعاقة كاللحاف ترتديه أي روح أخرى.
شعب بومڤانا لا يرون الإعاقة على أنها شخص حقيقي، قائلين [24] : الروح هي التي ليست مصابة بالإعاقة.
ومع ذلك، توجد أيضًا مواقف سلبية [25] تجاه المصابين بالإعاقة في مجتمع قرى بومفڤانا بشكل عام خارج نطاق الطقوس. وأعتقد أن هذا نتيجة للنفوذ الاستعماري والأفكار الغربية [26] . أخبرني واحد من شعب بومڤان، على سبيل المثال، أن المبشرين المسيحيين في الأيام الخوالي كانوا ضد إجراء الختان للرجال. هؤلاء المبشرون لم يفهموا أهمية الطقوس بالنسبة لشعب الكوسا. ومن لم يختتن يبقى ”صبياً“ ويُمنع من المشاركة في القرارات المجتمعية والمناسبات الاجتماعية.
وفي حديثه عن هذه المواقف السلبية، قال لي أحد المعالجين التقليديين [1] : معاملة المبشرين كانت سيئة جدًا في المجتمع.
وبينما لا تزال القيم القديمة محترمة في القرى، وجدتُ أن هناك أدلة تشير إلى أنه مع تغير الزمن وتفكك الأسر، أصبح مفهوم أوبونتو معرضًا للتهديد.
ماذا تعني هذه النتائج
إن إيمان أمابوڤان AmaBomvane ب مفهوم أوبونتو - وهو مفهوم يعني العدالة الاجتماعية والإنصاف - يمكن أن يكون نموذجاً يُتبع لإدماج المصابين بالإعاقة في الم - تمع والحفاظ على حقوقهم. يمكن لحالة شعب بومڤانا أن تحث الآخرين على اعتناق الروحانية التي تدعم الصمود والاستقرار. وتعتبر طريقة إنسانية في نظرها إلى الإعاقة.
وهذا أمر مهم لأن أوبونتو تضم جميع الجوانب الرئيسة لوثيقة الحقوق الدستورية في جنوب أفريقيا التي تنص على أن ”الجميع متساوون أمام القانون“. من وجهة نظر بومڤانا وأنوبوتو، لا يُنظر إلى الإعاقة على أنها مشكلة تحتاج إلى حل، بل هي حالة من الوجود يجب التعامل معها بإنسانية ومساواة.