ذوي الهمم ومعضلاتهم
منذ أن كنت صَغيراً تربيت على احترام الآخرين، ولكن كانت هناك فئة بذاتها موضوع احترامها لا يحتاج إلى تربية أو تعليم أو حتى سن القوانين التي تفرض احترامها.
إنهم فئة منا وفينا تعيش بيننا ومعنا. إنهم فئة «ذوي الهمم» كما أمرت قيادتنا الرشيدة بتسميتهم بدلاً عما كان شائعاً من قبل «المعاقين أو ذوي الإعاقة».
وهنا أشكر قيادتنا الرشيدة على بعد نظرها ورؤيتها لما كان يغيب عن الكثير منا حيث أنها رأت في هذه الفئة قصصاً من البطولات يعجز اللسان عن ذكرها، ويجف القلم إن حاول جمعها وخطها، ولنا شواهد كثيرة من هذا البلد المعطاء.
ولكن جال في خاطري، حيث إنني أصبحت مسؤولاً عن أحد أفراد هذه الفئة؛ مما زاد من معرفتي بأوضاعهم وببعض ما يعانونه في المجتمع.
حيث كنت أسمع عن مشاكلهم مع المواقف بالذات، رغم أن الدولة خصصت لهم في كل منشأة، وفي كل طريق مواقف مخصصة لهم كما أعفتهم من رسومها، ولكن المشكلة في أفراد المجتمع نفسه، حيث إن الكثير منهم لا يرى حقاً لهذه الفئة في مواقفها، بل يتم السطو عليها.
مثلاً عندي في الموقف المخصص لسيارتي، ورغم وجود ملصق التعريف بالفئة ورسم علامة كبيرة جداً على الموقف توضح أنه خاص لفئة ومحجوز لها، إلا أنني وعلى الخصوص في هذه الأيام، والتي أصبح معها هذا الفرد الذي معي لا يستطيع الدخول أو الخروج من المنزل سوى مع أجهزته أحسست وتعرفت على حجم المعضلة، فأصبحت صديقاً لجهة البلاغات 911 لأطلب منهم وبشكل شبه يومي الاتصال بصاحب المركبة الذي احتل موقف ليس له ولا يستطيع الدفاع عن حقه.
وأكثرهم عندما أتحدث إليه يبادر إلى الإعتذار ومبدياً أسفه، «والقليل منهم يرفع صوته أو يمر وكأنه لا يراني»، هنا تبادر إلى ذهني سؤال:
ماذا لو تأخر صاحب السيارة وحدث ما لا يحمد عقباه لمريضي؟
فهل ستكفيني كلمة الأسف؟؟
وهل سأستطيع مسامحة المتسبب؟؟؟
لا أعلم ولا أريد أن أعلم، بل لا أريد مجرد تخيل الموقف. كل ما أريده أن يفيق المجتمع من غفلته والاستهتار بأبنائنا من ذوي الهمم فهم في غنىً عن مشاكل أخرى.
فقط أعطهم حقهم، ولو كان مجرد موقف.