كيف تعالج أدمغتنا المدح ولماذا يقتل قدراتنا الكامنة؟
بقلم ارثار ماركمان، برفسور جامعة تكساس في أوستن
2 أبريل 2019
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 358 لسنة 2023
How our brains process praise and why it"s killing our potential
Arthur B Markman
2 April 2019
الناس يحبون الإطراء «الثناء / المدح [1] ». ويحبون أن يقال لهم إنهم يبلون بلاءً حسنًا، وأن جهودهم موضع تقدير، وأنهم يمثلون عنصرًا مهمًا ومتعاونًا في الفريق. ويحبون هذا الثناء والتقدير كثيرًا لدرجة أنه أصبح جزءً لا يتجزأ من ثقافتهم. مدارسنا تعطي الطلاب الوفير من الفرص للحصول على التقدير اللازم على إنجازاتهم سواء أكانت إنجازات معتبرة أم بسيطة.
لكن مشكلتنا مع الثناء أننا لم نستفد منه كثيرًا.
عندما يحصل دماغك على مكافأة «دماغك يتعامل مع اطراء الآخرين لك كما يتعامل مع المكافأة»، ولذا يرغب في تكرار هذا الفعل مرة أخرى. لو رغبت في تعزيز / ترسيخ سلوك معين، فإن الإشادة بهذا السلوك يعد وسيلةً رائعةً لتحقيق ذلك. [المترجم: بحسب التعريف، المكافأة هي أي مؤثر أو حدث أو نشاط لها القدرة على جعل الشخص يقترب منه ويمارسه ويكرره [2] . ولذلك، المدح من شأنه أن يكرس تشكَُل العادات]،
لكن التكرار يؤسس لعادات [المترجم: العادات لها دلالة على الثبات والإستقرار وعدم النمو]. النمو يتمثل في التغيير إلى الأفضل ويعتمد على قدرة المرء على التقدم في حياته المهنية «وقدرته على مساعدة زملائه على التقدم في حياتهم المهنية أيضًا». ولذلك، يحتاج إلى اكتشاف مهارات لم يتقنها بعد. وما هو أكثر أهمية من ذلك هو أنه بحاجة إلى أن يتحرى عن مهارات كان يعتقد أنه قد أتقنها، بينما قد يحتاج أن يعمل على تحسينها بالفعل.
الأشخاص الأكثر خبرة في أي مجال، لديهم سمة مشتركة. يحبون أن يُقيَّموا «يوجّه انتقاد / نقد إلى عملهم [3,4]. ويرغبون في معرفة ماذا يمكنهم فعله لتحسين أدائهم / مهاراتهم في المستقبل. ويوظفون النقد الموجه إليهم [3,4] بطريقة بناءة - بغض النظر عن قصد الناقد [4] .
للاستفادة من النقد بفعالية، من الأهمية بمكان أن يبدأ المرء بمعرفة تفاعله معه «ردة فعله عليه». في كثير من الأحيان، يبدأ المنتَقَد وكأنه يشعر بصفعة موجهة لإعتزازه بنفسه. قد يكون هذا مؤلماً من الناحية البدنية لو وجد أنه بحاجة إلى التغيير إلى الأفضل [المترجم: قد يعني ذلك طبيعة صعوبة الخروج من منطقة الراحة comfort zone، ومنطقة الزاحة، بحسب التعريف، هي حالة سلوكية يمارسها الشخص بلا توتر أو شعور بالخطر بسبب اعتياده على ممارستها ضمن إطار روتيني محدد، مما ينتج عن ذلك تكيّف ذهني يعطيه شعورًا غير واقعي بالأمان ولكنه يحد من قدرته على التقدم والإبداع [5] .
وقد يتحول هذا الألم بسرعة إلى غضب موجه إلى نفسه أو إلى الشخص الذي قدم له ملاحظات سلبية «نقدًا / تقييمًا سلبيًا». للتعافي من هذه الصدمة والخروج منها، عادةً ما يبدأ المرء باتقائها وذلك بممارسة الدفاع الإتقائي عن أفعاله أو الاندفاع إلى الهجوم على الناقد. ردود الفعل السيئة هذه ستقود أي شخص آخر ينوي تقييم «انتقاد» أفعال غيره إلى التفكير مرتين قبل أن يقدم على ذلك ويذكر له أي شيء يحتاج إلى العمل على إصلاحه «تحسينه» في المستقبل.
ولكن عندما تتعرض إلى انتقاد «تقييم سلبي» من شخص آخر، عليك أن تبدأ بابتسامة «حتى لو كان عليك أن تتصنعها في البداية». اشكر الشخص على ملاحظاته. وبإمكانك حتى أن تطرح بعض الأسئلة على الناقد لمعرفة المزيد عما لاحظه وماذا كان السبب الداعي لانتقاده. قاوم أي رغبة منك في التبرير له لماذا فعلت ما فعلت. فقط استمع له. ثم، لا تتصرف بأي شيء بناءً على هذه المعلومات لمدة يوم تقريبًا. ولكن حينها، قد ترغب في التفكير في مضمون النقد بجد بل وتحمل، من أجل ذلك، الأذى أو تضمر الغضب.
ولكن نم تلك الليلة نوماً جيداً. يتبين أن النوم يساعد في الواقع على عزل ردود الأفعال العاطفية على حدث ماعن محتواه المفهومي. لذا، بعد أن تصحو من النوم، ستتمكن فعلًا من التفكير في الإنتقاد الموجه إليك بلا حساسية أو إستياء.
بعد ذلك، اهتمّ بما قيل لك. هل سمعت بهذا الكلام في السابق؟ ربما تتعلم شيئًا جديدًا عن نفسك. ابدأ في إيلاء المزيد من الاهتمام لهذا الجانب من أدائك وانظر ما إذا قد لاحظت بنفسك ما قيل لك من قِبل شخص آخر.
بعد ذلك، اعمل على أن تحسن من أدائك. في بعض الحالات، قد تعرف بالضبط ما تحتاج أن تفعله حتى تحسِّن من أدائك. ولكن في كثير من الحالات ستحتاج إلى بعض المساعدة. ابحث عن زميل أو صديق أو مدرب أو مشرف. اطلب منه العمل معك لتصميم برنامج لدعم تحسين أدائك ونموك وتقدمك.
إذا وضعت هذا البرنامج موضع التنفيذ، فسوف تكتشف أنك حققت ثلاثة أشياء رائعة. أولاً، ستكون منتجاً أكثر في عملك، لأنك ستعمل على إصلاح بعض أوجه القصور لديك. ثانياً، ستلاحظ أنك أصبحت أقل حساسية تجاه إنتقاد الآخرين لك. ولذلك قد تجد أنك لم. تعد بحاجة إلى التفكير في نصيحته طويلًا إلى اليوم التالي قبل أن تأخذ أجراءً ما حيالها، بل تهتم بها وتفكر فيها في الحال بدون أن تشعر بالإرباك والضيق. أخيرًا، ستلاحظ أنك أصبحت أكثر انتقادًا لذاتك من غيرك. وبالنتيجة، ستراقب سلوكك أكثر مما يراقبه غيرك. فكلما زادت ملاحظاتك لحدود ما في مقدورك فعله كلما زادت فرص النمو التي تخلقها لنفسك. [المترجم: بعبارة أخرى، كلما زادت ملاحظاتك لأوجه القصور لديك كلما حفزك ذلك على العمل لسد هذه الثغرة، وذلك لأن الإنسان بطبيعته يسعى دائمًا نحو الكمال].