آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 12:18 م

الحرف اليدوية: كنوز للاقتصاد وتعزيز للأصالة

هاشم آل حسن

تنسج الحرف اليدوية السعودية على منوال الزمن قصائد من الخيط والطين والخشب، تحكي مآثر الآباء والأجداد، وتُزَيِّن حاضر المملكة بلغةٍ تراثية تنطق بفخامة الماضي وتتوهج برؤية مستقبلٍ زاهر. إنها ليست مجرد سلعٍ تباع وتشترى، بل كنوزٌ وطنية تحفظ هويتنا وتداعب ذاكرتنا، وتنسج بخيوطها الذهبية طموح رؤية 2030 التي تضع حفظ التراث ودعم الاقتصاد الوطني على قمة أولوياتها.

وللحرف اليدوية السعودية أهمية كبرى في دعم السياحة الوطنية ضمن رؤية 2030. فهي بمثابة جسر ثقافي يربط السياح بالمملكة، ويقدم لهم تجربةً فريدةً لا تنسى. تخيل سائحًا يتجول في سوقٍ تراثي وينبهر بفن النقش على الخشب الذي يروي حكايات البدو، أو يقتني قطعة من الفخار المحلي، أو يحمل إلى بيته أعمالاً فنية مصنوعة من سعف النخيل فتظهر الإبداع والمهارة في استخدام الموارد الطبيعية.

هذه اللمسات الرائعة تحمل في طياتها قوةً هائلةً في جذب السياح وتعزيز مكانة المملكة كوجهةٍ ثقافيةٍ عالمية مميزة. كما تساهم هذه الصناعات اليدوية في الحفاظ على التراث الوطني وإبراز الهوية الثقافية السعودية، مما يعزز الفخر الوطني ويشجع على السياحة الداخلية. إضافة إلى ذلك، توفر هذه الحرف مصدر دخل للحرفيين المحليين، مما يسهم في تنمية الاقتصاد المحلي ويعزز من الاستدامة الثقافية والاجتماعية.

ولكن الأهمية لا تقتصر على السياحة فحسب، بل تمتد إلى دعم الاقتصاد المحلي وتمكين صانعي الحرف أنفسهم. إن رواج سوق الحرف اليدوية يعني فرص عمل جديدة لأبناء وبنات الوطن، ويعزز رواجًا اقتصاديًا في المناطق والقرى التي يزدهر فيها هذا الإرث. كما أن الحفاظ على هذه المهن التقليدية يُسهم في حماية قيم المجتمع السعودي ويضمن استمراريتها للأجيال القادمة.

ومع ذلك، تواجه الحرف اليدوية في السعودية تحديات مماثلة لتلك التي تواجهها الحرف اليدوية في جميع أنحاء العالم. هذه التحديات تشمل تراجع الإقبال عليها بسبب المنتجات الصناعية، تحديات الدعم المادي والمعنوي للحرفيين، صعوبات في الحصول على المواد الخام، وضعف في التسويق والترويج للمنتجات.

ولتحقيق أقصى استفادة من كنوز الحرف السعودية، يتطلب الأمر اتخاذ جهودا متنوعة تشمل التعليم والتوعية لتعزيز الوعي بأهمية الحرف اليدوية وثقافتها في المجتمع السعودي وخاصة بين الشباب. وهذا يمكن أن يتحقق من خلال برامج تعليمية ومبادرات توعوية تسلط الضوء على جماليات هذه المهن وقصصها. ومن جانب آخر، تلعب الحكومة دورًا محوريًا في دعم صانعي الحرف وتوفير الموارد اللازمة لهم، مثل برامج التدريب والتطوير، توفير قروض ميسرة، وتنظيم معارض تسويقية محلية لكل منطقة تزدهر الحرف فيها.

إلى جانب جهود الحكومة، يمكن للمجتمع والقطاع الخاص المساهمة في الحفاظ على الحرف اليدوية من خلال التوعية بأهميتها، دعم الأنشطة التعليمية والتدريبية، شراء المنتجات الحرفية السعودية ودعم المشاركة في المعارض المتخصصة. هذه الجهود المشتركة ستعزز من مكانة الحرف اليدوية كجزء حيوي من التراث الوطني لأن ما تسعى إليه الحكومة هو أن تصبح الحرف اليدوية رمزًا للتواصل بين عراقة الماضي وحيوية الحاضر وطموح المستقبل، مجسدةً بذلك قيم المجتمع السعودي الراسخة في العزيمة والسعي المستمر نحو التميز والازدهار، والاحتفاء بالتراث والأصالة.