هل يمكن أن تحدّ القيم الأخلاقية من افتعال الجرائم أو المشاكل؟
طبيعة الإنسان صلحه، ومعنى أن يكون صالحًا تجده في معنى مماثل إلى أن يكون بريئًا؛ فالبراءة أصل امتياز المرء، حيث أن المرء يُولد بريئًا، وهذا أمام القانون لا خِلاف على حقيقته.
غير أن هذا الأصل ليس بالثابت؛ فالمرء منذ نشأته وحتى قَبْضِه، وهو متجدّد الفعل ومتجدّد الحسنة والسيئة والعلم والجهل والخير والشر، وكل أمر متجدّد بطبيعة الحال أن يكون وارداً منه نشوء نتيجة، ونتيجة المرء ليست حصرًا في أن تكون صالحة تعادل أصل براءته، وبالرغم من أصل البراءة الذي ينشأ معه، إلا أن المرء خطّاء بطبعه، وهذه الأخطاء قد يكون البعض منها لا يشكل ضررًا لا على المرء ذاته ولا على غيره، وإن شكّل الخطأ ضررًا على المرء ذاته، فالمرء حريٌ بما يفتعله لنفسه.
إلا أن المرء وبكل صراحة يجب أن تلزمه بعض القواعد الواجب اتباعها وإن لم تكن قواعد قانونيّة فهي قيم أخلاقية، لأن المرء مجبولٌ على فعل الشر والخطيئة إلا لو حدّته بعض القيم.
وقد يكون السؤال كالتالي: هل يحتاج الإنسان إلى مدونة قيم يلتزم بها؟
وهل يمكن أن تحدّ تلك القيم الأخلاقية من افتعال الجرائم أو المشاكل؟
وإذا كانت ستحدّ من افتعال الخطيئة المجرّمة شرعًا أو قانونًا، هل يمكننا القول بأن المرء صاحب خُلق ومبادئ لكونه استقام على ما أُمر به؟
بطبيعة الحال، فإن مجتمعاتنا تمجّد أي فعل أخلاقي، كون أن الأخلاق مبدأ وبالرغم من استنكار بعض الفلاسفة لها، كما أرسطو فهو لم يعتبر الأخلاق علمًا صحيحًا يمكن للبشر اتباعه؛ لأن الخلق قد يكون عادة ومن العرف وليس فطريًّا، غير أن نظرتنا نحن تختلف لأننا قد نجد ارتباطاً واسعاً بين الدين والخلق، ونجد فيهما استقامة السلوك الذي هو أساسه عائد لطبيعة المرء وفطرته أن يكون بريئًا وبراءته تقابل استقامة سلوكه الذي انتهجناه من أصل أخلاقنا نحن الدينيون، حتى إذا أجرم المرء اعتبرت جريمته استثناءً من الأصل، أصل براءته.
الأخلاق إذا ما كنت ستحدّ المرء من افتعاله للسيئة، فهي مجرد هوامش دينيّة قد يتفاخر بها المرء وهو لا ارتباط له فيها.
إذًا كيف تكون قيمنا الأخلاقيّة نابعة من أصل الخُلق تمامًا وليست مجرّد صور للعرف؟
القيم الأخلاقيّة واسعة النطاق والتطلّع، لذا أترك السؤال مساحة للتفكّر.