الأب ودوره الحيوي
للأب في هذه الحياة دور محوري يفوق التصور والوصف، بل هو عمود الخيمة وأساساتها التي تضمن كرامة وعزة العائلة وحفظها من التشتت والضياع، فهو يواجه الصدمات واحدة تلو الأخرى من جهة، ومن جهة أخرى يضحي بروحه وحياته ليضمن لأسرته حياة كريمة وهانئة ومستقرة لكي يبعد عنهم كل ما يعكر حياتهم من مصاعب الحياة ومتطلباتها، فتراه يخوض الغمرات، ويتحمل الشدائد المعنوية والمادية المتمثلة فيما تفرضه الأحداث من مستجدات متعلقة بشؤون عائلته وكيفية التصرف فيها بحكمة وتعقل بعيدا عن الفظاظة والغلاظة، خاصة فيما لو مشكلة ما حدثت تتعلق بأحد أفراد عائلته، ونحن نعيش زمن المتغيرات الاجتماعية والفكرية التي ينتج عنها سلوكيات كانت غير مألوفة إلى زمن قريب وكي لا يحدث مواجهات مع أبنائه الذين رباهم على طريقة تقليدية مألوفة يسلكها جميع الآباء الذين همهم هو زرع القيم الأخلاقية والسلوكية الهادفة كي يتربى عليها النشء لتحميهم من فلتات الزمن وتقلباته، وما أن يشب أولئك الأبناء بجنسيهما يرون التعارض واضحا، بين تلك المثل وما يعيشونه من واقع الحياة المعاصرة، والتي استجدت بها الكثير من التطورات سلبية كانت أو إيجابية، هنا تقع المواجهة الفعلية فالأب من جهة ما زال متمسكا بآرائه التي يجد فيها الصلاح والإصلاح لأبنائه حسب رؤيته، والأبناء ينتابهم التعارض الفكري والصراع النفسي، وإلى أي جهة يميلون ويأخذون، هنا يسود التضاد والخوف من المستقبل ليرى الأب أن جهده وتربيته قد تذهب سدى إذا لم يقتنع الطرف الآخر من أطروحاته، وأن التربية والأساليب التي بدلها من جانب والأم من جانب آخر ذهبت أدراج الرياح في حال لم يقتنع بها أولئك الأبناء، وأن النتائج لم تأتي بالثمار التي سعيا من أجلها، لتأتي الرياح عكس اتجاهها، فيصاب الأبوان بخيبة أمل لا سمح الله، إذا على شبابنا وشاباتنا أن يدركوا بعين بصيرة قبل فوات الأوان يوم لا ينفع الندم، ولو شرقوا وغربوا فالأب يعتبر صمام الأمان لأبنائه وعائلته خاصة إذا كانت رؤياه هي الصواب بعينها والأصح في تشخيصها وما يبدله من تضحيات، لذا يلزم على الأبناء الأوفياء البررة رد هذا الجميل بما توافق وتيسر لما هو أحسن وأفضل وذلك ببر الوالدين والإحسان لهما ورعايتهما وتكريمهما وعدم عقوقهما؛ لأنهما أساس وجودنا في هذه الحياة.
وتبا وتعسا لؤلئك الأبناء العاقين الذين ردوا الجميل بما هو أسوأ منه وأفحش بعدم السمع والطاعة والإصرار على فعل النشاز والمتناقضات من القول، نسأل الله العلي القدير أن يوفق كلا الوالدين لما فيه خير أبنائهم لما أمكن إلى ذلك سبيلا وفوزهما في الدارين دنيا وآخرة.