آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 12:36 ص

لقطات وصفية من عمرة رجب 2023

المهندس أمير الصالح *

ما بعد إطلاق الفيزا السياحية مفتوحة السقف عددا في بلدنا الحبيب، عمرة رجب للموسم الحالي أضحت موسماً عبادياً وروحياً وسياحياً بامتياز. توالدت وتولدت في مواسم العمرة الرجبية بمكة المكرمة والزيارة لمثوى النبي محمد ﷺ صور جمة ومفرحة ومؤثرة في النفس السليمة، وخصوصا هذا الموسم الحالي. وللحق تمر عليك مع تزايد عدد المعتمرين مشاعر إيمانية رائعة تذكرك بأيام الحج. وتزرع في نفسك الثقة والاعتداد بأهل الخير والفلاح، وإن تكالبت قوى الظلم في العالم ضد الإسلام والمسلمين في عدة مناطق حول العالم. فعدد الطائفين وازدحام المؤمنين وحرص الناس على العبادة لله الواحد الأحد وتقاطرهم على بيت الله الحرام راجين من الله ما لا يرجونه من البشر وحسن الضيافة منه وجميل الاستجابة لدعواتهم. تبعض مشاعر راقية، وتحيي آمال كبيرة. وشخصيا اشكر كل المخلصين على بذل جهودهم في تضليل الصعوبات وتسهيل بلوغ ضيوف الرحمن لبيت الله الحرام وقبر نبي الرحمة وجميل الحفاظ على النظافة الصحية والأمن وانسيابية المرور.

إلا أنه هناك عدة لقطات مزعجة تقع على مرأى من عين الإنسان لكونها تصدر أو صادرة من قبل بعض المعتمرين هدانا الله وإياهم للخير. ومن تلكم اللقطات المزعجة التي تم ملاحظتها:

1 - في ذروة تكدس الطائفين، تشاهد عديداً من الشباب والفتيات يأخذون لقطات صور لأنفسهم ولعوائلهم في الطواف وعند مقام نبي الله إبراهيم مسببين اختناقات مرورية بشرية في مجرى الطواف. أتمنى أن يوقف أولئك الناس هكذا سلوك سبب، ويسبب إرباكاً للطائفين. وهذا العمل في ظل الازدحام الحالي، من منظوري قد يجلب الإثم بدل الثواب.

2 - ومع زيادة أدوات العلم والتعلم والعلماء والمحاضرات التوعوية في أداء العمرة، وتناثر المقاطع التثقيفية في اليوتيوب، إلا أنه ما زال بعض المعتمرين، وفي ذروة تكدس الطائفين حول الكعبة المشرفة، تشاهد عديداً من الناس يسيرون عكس تيار الطواف للخروج بعد إنجاز طوافهم، أو يقفون عند مقام نبي الله إبراهيم للتصوير، أو يقفون وقوف كاملاً «لا يتحركون» لبرهة من الزمن في كل دورة طواف، ويستقبلون بكامل أجسامهم الحجر الأسود، ويرددون بعض الأذكار لمدة تتجاوز 20 ثانية مسببين تعثر واختناقات مرورية بشرية لكامل كتلة الطائفين من خلفهم. أتمنى أن يوقف أولئك الناس هكذا سلوك سبب ويسبب إرباكاً للطائفين، وأتمنى أن يتم تبني مشروع من جهات رسمية لمنع هكذا سلوكيات في الطواف. وحتما في رأيي الشخصي أن هكذا سلوكيات «توقف / خروج متعامد أو عكس مسيرة الطواف» تجلب الإثم لفاعلها بدل الثواب.

3 - في أثناء أداء الطواف، وبسبب التكدس الذي سببه أصحاب السلوكيات المذكورة في الفقرة 2، يدفعك من هو خلفك دفعا، فمن دون إرادة منك تصطدم جسمانيا بالذي أمامك. فتفاجئ بان الذي أمامك يلتفت إليك وبكل صلافة يشتمك أو يرفع يديه، ويكشر بوجه ويحدق بعينيه مهددا إياك بالضرب متجاهلا كل الأسباب التي هي حوله من تدافع وأعداد مهولة من الزحام البشري! وكأنك آتية من بيتك من أقصى الأرض إلى مكة المكرمة لتصطدم به ويتهجم عليك!!. كان زمان قول أحدهم للآخر: حج يا حاج أو صل على النبي، قول كاف لسحب فتيل أي توتر قد يحدث يومذاك في الازدحام. الآن بعض المعتمرين يبدو أنه متأثر بأفلام الأكشن الهوليودية، أو اختلطت عليه المفاهيم، فجعل الأخوة أعداء والأعداء إخوة، ويريد أن يبرهن طول شنباته بجوار بيت الله الحرام وعند الحجر الأسود، وفي المسعى بين الصفا والمروة على أخ له في الدين!!! عزيزي المعتمر المتنرفز والمتأبط شرا، أرجو استحضار الآية الكريمة «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» [الحجرات: آية 10]. وكل أولئك الطائفين حيث أنت تطوف هم إخوة لك وامتدادك وعمقك وأهلك، ولم يأت أحد منهم كل هذه المسافة لأجل إيذاء آخر.

4 - في مطاعم الفنادق والنزل ذات البوفيهات المفتوحة، يميط البعض من المعتمرين اللثام عن حقيقة أنهم مفجوعون على الأكل، وأنهم منعدمو القناعة؛ فيهجمون على الأكل بشراهة مفرطة، ويأخذون في إنائهم ما هو أكثر من حاجتهم من الطعام. وبالمحصلة يحرمون معتمرين آخرين من زملائهم من عدة أصناف من الطعام وهم في ذات الوقت لا يأكلون ربع ما أخذوا في صحونهم!

5 - ينتابك شعور بعض الأحيان مع زيادة عدد المصورين بأجهزة الهاتف المتنقل «الجوال» بأن كل من أتيت معهم في القافلة / الحملة، أو من رأيته في الطواف، وإن كانوا مرتدين لباس الإحرام، هم أصحاب قنوات سوشل ميديا أو مراسلون لوكالة أنباء أو صحفيين أو أصحاب قنوات تيك توك وليسوا معتمرين. لسان الحال يقول ”يا قوم، ارحمونا ورشدوا عدد اللقطات وحافظوا على الروحانيات وتوجهوا للعبادة“.

6 - يتمادى بعض المعتمرين «ويصدق الحال على بعض: الزوار / الحجاج» في جشعهم، فيحسبون بأنهم ملكوا كامل الفندق بالرسوم المالية التي دفعوها للحملدار / مقاول القافلة. فيصرخ بعض المعتمرين، ويرفعوا أصواتهم على عمال المطعم والكونسيرج وعمال النظافة بالفندق! ويتركوا أبناءهم يلعبون بالمصاعد الكهربائية بطريقة عبثية. ويهمل البعض من المعتمرين توجيه أبنائهم عند تعبئة أطفالهم لأطباقهم في البوفيه الغذائي المفتوح. وكأن لسان حال سلوك بعض المعتمرين أنهم في حالة استباحة لكامل الخدمات للباص والفندق والمطعم!!. هل هذه أخلاق معتمر / حاج / زائر فضلا عن مربي لنفسه ومزكيها وقدوة لأبنائه وبناته؟!

7 - بعض المعتمرين يلتحق بحملة وهو لا يكترث لمشاعر الآخرين البتة، ولا يسعى حتى لمجاملة من هو برفقتهم في هذه الرحلة العبادية. وكل همه أن يشبع حاجاته هو فقط. فتراه يهدر أوقات الآخرين، ويكشف حقيقة أنانيته وكسالته أو وسواسه وجلافته. وإن كانوا ولله الحمد هكذا أصناف بشرية قليلين، ولكن تم ذكر ذلك بقصد التنبيه هنا وتعليق جرس الاستيقاظ لهم.