آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

عود بينا يا زمن عود

عباس سالم

لا أظن بأن جمال البيوت التراثية في جزيرة تاروت سيعود ويمكن باچر تروح، وأن الروح في مزارعها وبساتينها لن تعود! بعد أن طوى الزمن الطبقة القادحة المحلية من العاملين والفلاحين والمزارعين في تلك الحقبة الزمنية وغادروا الحياة دون رجعة يرحمهم الله، فأهملت بعدهم المزارع والبساتين وتصحرت الجزيرة!

تزخر جزيرة تاروت بوجود بيوت وأمكنة تراثية عريقة تعود إلى حقبة زمنية تاريخية متعددة، وأجمل بيوت تراثية تراها في المنطقة القديمة ”الديرة“، حيث أنها تعطي معالم واضحة عن الفترة الزمنية التي عاشتها، إلى جانب دقة ومهارة الفن المعماري الذي يكسوا معظم البيوت التراثية، ويعكس المستوى الاجتماعي والاقتصادي للناس الذين كانوا يسكنوها.

جمال هندسة البناء للبيوت التراثية تراه في زخارفها وشرفاتها المزينة بفتحات صغيرة كانت مختارة لتكون مانعة لأشعة الشمس داخل حوش البيت في الصيف اللاهب ولتكون دافئة من برودة الشتاء القارص في الأزمنة الماضية، وتداخل بيوتها مع بعضها البعض جعل من أزقتها الضيقة مانعاً لوصول أشعة الشمس في أيام الصيف الحارقة، لتصبح ملاذاً آمناً لتخفيف حرارة الصيف الملتهبة، حيث تتخذها النسوة مكاناً للسوالف والبوح بهموم الحياة في ذلك الزمان.

هناك بيوتاً ومبانٍ تراثية هجرها أهلها كونها لا تصلح للسكن وتركت تنتظر الموت البطيء وبعضها تهَدَّم بدلاً من أن يحافظ عليها كونها ذاكرة وتاريخ أجيال!. للأسف ما نشاهده اليوم من إهمال وعدم المحافظة على التراث في المنطقة، حيث أن أغلب البيوت التراثية في المناطق القديمة آيلة للسقوط، وبعضها للأسف سلمت لعمالة أجنبية لتسكنها وسط العوائل المحلين، مما تسبب في تصدع خصوصية العائلات في أزقتها وصاباتها الضيقة.

في بلدتي جزيرة تاروت تتميز البيوت التراثية في المنطقة القديمة ”الديرة“ بشواخص معمارية ذات طابع جمالي وفني، جدرانها من الطين وفيها الچندل والباستيج وأحواشها تتزين مداخلها بالأقواس المائلة، لكن بيوتها اليوم تحاكي الزمن وتعاني الإهمال والتآكل والقِدم فبهت لونها وصارت مكاناً آمناً تنوح فوق روازنها الحمام ومختلف أنواع الطيور.

وإن بيوتها وصاباتها وأزقتها القديمة تآكلت جدرانها وتعرت وهي اليوم تنتظر الرحمة، بعد أن كانت رمزًا للجمال والإبداع المعماري، هذا التراث الذي وقف أمام تصدعات الزمن وإهمال المعنيين، يحكي اليوم آخر قصصه لنا وللأجيال بعدنا عن الزمن الماضي الجميل علّها تجد سفينة نجاة تجمع وترمم ما تبقى من حجر التراث المتساقطة.

وفي الختام: إن بيوت الطين التراثية المسقوفة بالچندل والباسجيل في ”ديرة جزيرة تاروت“ التي كانت توصف بالجميلة والغنيّة في الزمن الماضي، أصبحت اليوم تعاني من الإهمال بعد رحيل أهلها ولم تشهد أي عملية إعمار أو ترميم لما تبقى من حياتها.