متعة العطاء تدوم أطول من متعة الأخذ
20 ديسمبر 2018
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 346 لسنة 2023
The Joy of Giving Lasts Longer Than the Joy of Getting
December 20,2018
تتضاءل المتعة التي نشعر بها في كل مرة نمارس فيها هذه الفعالية أو ذلك المشاط، وهي ظاهرة تعرف ب تكيف المتعةhedonic adaptation [1] . لكن إعطاء الآخرين [أو بما في حكم الإعطاء من المنح والبذل والإهداء وما إلى ذلك] قد يكون استثناءً لهذه القاعدة، وفقاً لبحث نُشر في مجلة العلوم النفسية [2] ، وهي المجلة الصادرة من جمعية العلوم النفسية.
في دراستين، وجد باحثان في علوم النفس، إد أوبراين Ed O’Brien من كلية بوث Booth لإدارة الأعمال في جامعة شيكاغو، وسامانثا كاسيرير Samantha Kassirer من كلية كيلوغ Kellogg للإدارة في جامعة نورث ويسترن أن مستوى شعور المشاركين في التجرية بالسعادة / بالمتعة لم يتراجع، أو تراجع بشكل أكثر بطأً بكثير، لو استمروا في إهداء الهدايا بشكل متواتر للآخرين مقابل لو تلقوا تلك الهدايا نفسها من آخرين بشكل متواتر.
”لو رغبت في الحفاظ على مستوى الشعور بالسعادة على مر الزمن، فقد أخبرتنا الدراسات السابقة أننا بحاجة إلى أخذ نوقف ممارستنا الحالية ونجرب شيئًا جديدًا.“ تكشف نتائج دراستنا أن نوع الشيء قد يكون مهمًا أكثر مما افترضناه: فالعطاء / الإهداء المتواتر، حتى بنفس الأساليب لنفس الأشخاص سيبدو على الدوام ممارسة متجددة تُشعِر بالانتعاش والمتعة نسبيًا كلما استمر العطاء / الإهداء وبتواتر أكثر"، كما يوضح أوبراين.
في إحدى التجارب، استلم طلاب جامعيون شاركوا في التجربة مبلغ مالي مقداره 5 دولارات يوميًا على مدى 5 أيام. وكان مطلوبًا منهم أن ينفقوا المال على الجهة نفسها في كل مرة. طلب الباحثان من كل مشارك من المشاركين بصورة عشوائية من أن ينفق أمواله إما على نفسه أو على شخص آخر، كترك المبلغ المالي في جرة الإكراميات في نفس المقهى الذي زاره أو التبرع عبر الإنترنت إلى نفس المؤسسة الخيرية كل يوم. وعلق المشاركون على ممارسة الانفاق والسعادة الكلية التي شعروا بها بعد هذا التبرع في نهاية كل يوم.
البيانات المستحصلة من ما مجموعه 96 مشاركًا، أنتجت نسقًا لا لبس فيه: بدأ المشاركون العمل بالشعور بمستويات مماثلة من السعادة التي أبلغوا عنها ذاتيًا كلا الباحثين، وأما أولئك الذين أنفقوا المال فقط على أنفسهم فقد أبلغوا كلا الباحثين عن انخفاض مطرد في شعورهم بالسعادة خلال فترة الخمسة الأيام هذه. لكن لا يبدو أن مستوى السعادة قد تضاءل بالنسبة لأولئك الذين أعطوا أموالهم إلى شخص آخر. فقد كانت فرحة / متعة العطاء للمرة الخامسة على التوالي قوية بنفس القدر الذي كانت عليه من العطاء في اليوم الأول.
ثم أُجرى أوبرين وكاسيرير Kassirer تجربة ثانية عبر الإنترنت، مما سمح لهما بالحفاظ على مهام الإعطاء متسقة عند كل المشاركين. في هذه التجربة، لعب ما مجموعة 502 مشارك عشر جولات من لعبة ألغاز الكلمات. وفازوا بمبلغ خمس سنتات «الدولار = 100 سنت» لكل جولة، واحتفظوا بهذه المبالغ التي فازوا بها لأنفسهم أو تبرعوا به لجمعيات خيرية من اختيارهم. بعد كل جولة، أفاد المشاركون بمستوى السعادة والغبطة والفرح التي جعلهم الفوز في اللعبة يشعرون بها.
ومرة أخرى، تضاءل مستوى الشعور بالسعادة التي أبلغ عنها ذاتيًا أولئك الذين أعطوا ما فازوا به من مبالغ مالية للجمعيات الخيرية بشكل أبطأ بكثير من تضاؤل مستوى الشعور بالسعادة التي أبلغ عنها من احتفظوا بالمبالغ التي فازوا بها لأنفسهم.
تحليلات أخرى لنتائج التجارب استبعدت بعض التفسيرات البديلة المحتملة، مثل احتمال أنه كان على المشاركين، الذين تبرعوا بالمبالغ التي فازوا بها لأشخاص آخرين، أن يفكروا لفترة أطول وبشكل أكثر جدية فيما سيتبرعون به للآخرين قبل أن يتبرعوا، وهو ما يمكن أن يفضي إلى شعور بمستوى سعادة أعلى.
”لقد أخذنا في الاعتبار الكثير من هكذا إحتمالات وقمنا بقياس مستوى السعادة التي شعر بها المشاركون بعد العشرات من جولات اللعبة“. ”ولا واحدة من هذه الجولات أمكنها تفسير النتائج التي توصلنا إليها. كانت هناك اختلافات اتفاقية «عرضية» قليلة بين حالات“ الأخذ ”و“ الإعطاء، ”وظل الفرق الرئيس في مستوى الشعور بالسعادة دون أن يتغير عندما أُخذ في الاعتبار هذه المتغيرات الأخرى أثناء التحليلات.“
التكيف مع الممارسات الباعثة على الشعور بالسعادة يمكن أن تكون فعالة لدرجة أنها تدفعنا للسعي والحصول على موارد جديدة. لماذا لا يحدث هذا للسعادة التي نشعر بها عندما نعطي الآخرين؟
لاحظ الباحثان أنه عندما يركز الناس على أحد المخرجات من أعمالهم [هنا من اللعب بهذه اللعبة والفوز بمبالغ مالية]، يمكنهم بسهولة مقارنة المخرجات «المبالغ المالية التي حصلوا عليها في كل لعبة»، مما يخفض من مستوى حساسيتهم اتجاه كل فوز تالٍ. عندما يركز الناس على فعل، كالتبرع للجمعيات الخيرية، فإنهم يركزون بشكل أقل على مقارنة المبالغ التي حصلوا عليه في كل لعبة ويشعرون، بدلاً من ذلك، بكل مرة يتبرعون بها كتجربة فريدة باعثة على الشعور بالسعادة.
قد نكون أيضًا أكثر بطأً لتكيف الشعور بالسعادة «بالمتعة» التي تولدت من جراء الإعطاء «التبرع»، لأن التبرع للآخرين يساعدنا على المحافظة على سمعتنا «سلوكنا» المحابي للمجتمع [3] ، ونعزز شعورنا بالتواصل الاجتماعي [4] والانتماء للمجتمع [5] .
تطرح هذه النتائج بعض الأسئلة المثيرة للاهتمام بالنسبة للدراسات البحثية المستقبلية - على سبيل المثال، هل ستستمر هذه النتائج كما هي لو كانت المبالغ المالية التي يتبرع بها الناس أو يحصلون عليها مبالغ كبيرة نسبيًا؟ أو لو كان التبرع لأصدقائهم مقابل تبرعهم للغرباء؟
أخذ الباحثان كذلك النظر إلى ما هو أبعد من العطاء أو القبول باستلام مكافآت مالية في الاعتبار، بما أن السلوك المحابي للمجتمع [3] ينطوي على طيف واسع من الممارسات المحابية للمجتمع.
نحن الآن نختبر الحوارات والتفاعلات الاجتماعية المتواترة بين الناس، والتي ربما تتحسن أيضاً بمرور الزمن، "كما أوضح أوبراين.