هل القانون ملزم؟
هل عدم الالتزام بالقرآن والكتب المقدسة الأخرى يعني بأنها غير ذات جدوى أو فائدة وأن الإشكال هو في هذه الكتب أم الإشكال في المجتمع والفرد الذي لم يبالي ولم يلتزم بها؟ هل عدم تنفيذ القوانين الدولية والمعاهدات الدولية من قبل دول العالم، وعدم الالتزام بها، دليل على عدم جدواها، أم الإشكال في بعض الدول التي لم تلتزم ولم تعطِ أي أهمية لهذه المواثيق والمعاهدات الدولية، وأن منطق القوة هو السائد؟ هل الإشكال في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟ وهل وجود محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية لا فائدة منها؟ وهل عدم تطبيق القوانين والتشريعات التي تحدّ من الفوضى والجريمة في المجتمع تعني عدم أهميتها؟ هذه الأسئلة وغيرها تطرح بين الفينة والأخرى، سواء على صعيد الفرد نفسه، وأحيانا بين أبناء المجتمع، أو بين دول العالم عندما ترى منطق القوة هو السائد، والذي لا يبالي بأي قوانين، ويتصرف بمفرده وبدون الرجوع للمواثيق الدولية، ويرى نفسه بأنه هو سيد العالم ولا يمكن منعه من ممارسة كافة الضغوط وبالقوة على أي دولة لا تسير في ركبه ولا تستجيب لأوامره. هذه القوى الكبرى وبالخصوص الدول الغربية وعلى رأسها أميركا لا تلتزم بأية قوانين ولا يمنعها أي مانع من ممارسة القوة لتنفيذ ما تريد، وبدون أي رادع يردعها، فتارة باسم حق الفيتو وتارة بالقوة العسكرية تفرض سياستها. ما يحدث الآن من محاكمة للكيان المحتل في محكمة العدل الدولية في لاهاي، وأمام مرأى العالم لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة لارتكابهم للمجازر الدموية والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة، يعتبر انتصاراً للشعب الفلسطيني الذي عانى ولا يزال يعاني الظلم والاضطهاد والتصفية الجماعية والإبادة البنيوية، فمهما كانت نتائج هذه المحاكمة، إلا أنه لأول مرة يتم فيها محاكمة الكيان المحتل ورموزه مجرمي الحرب..
وبالرغم من أن هذه القوانين مفصّلة على مقاس الجهات الصادرة منها، فعلينا كمجتمعات أن نستفيد منها، وبغض النظر عن تطبيقها من عدمه؛ فالمعاهدات والمواثيق والإعلان العالمي لحقوق الإنسان يوفر الحماية للكثير من حقوقه. وكما أن الكتب السماوية التي أنزلت للبشرية من أجل الالتزام بها وتطبيق أحكامها إلا أنه لم يتم الالتزام بها، لذلك ضيّعت المجتمعات البوصلة وتاهت في متاهات الضياع بحجة أن هذه الكتب السماوية لا تتطابق مع الحياة ولا تفيد الإنسان حسب اعتقادها، بينما نجد الحلول والتوجيهات العظمى لبني الانسان في هذه الكتب.
يذكر السيد بيتر ماورير رئيس سابق للجنة الدولية للصليب الأحمر:”عندما يُحترم القانون، يسهل إحلال السلام. إذ تجد الأطراف التي تطبق القانون أرضًا مشتركة، وقيمًا وثقة مُتبادلين تمثل لبنة لإقامة اتفاق سلام. إذن فالقانون أداة فعّالة. ويجب أن يُمكّن للقانون كي تتحقق الفائدة منه، لأنه إذا لم يُطبق تكون عواقب انتهاكاته وخيمة على المستويين الفردي وغيره“.