رحيل المؤرخ عبد الخالق الجنبي: خسارة فادحة للثقافة السعودية
رحل عن عالمنا اليوم 16-1-2024 المؤرخ الثبت الأستاذ عبد الخالق الجنبي، ويعد الراحل أحد أبرز أعلام الكتابة التاريخية المعاصرة في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.
عرفت الرجل عن بعد، وقرأت العديد من دراساته وأعماله التاريخية، ثم سنحت لي الفرصة برفقة أحد الأصدقاء المقربين أن أزوره في عقر داره في مدينة القطيف العام الماضي حيث منزله المتواضع، فلحظت أنه يعيش حياة صوفية مكرسة بالكامل للعلم والبحث، ويبدو من أجل هذا الغرض - كما هي سير بعض العلماء - لم يقترن وصرف كامل وقته لأبحاثه، والأهم في ذلك اللقاء شاهدت عن كثب حجم ولعه وشغفه المنقطع النظير في الكتابة التاريخية والأدبية، فعلى الرغم من مرضه العسير الذي أقعده السرير، ولم يمنحه الفرصة في ممارسة حياته بشكل طبيعي غير أنه على فراش المرض كان يزاول الكتابة التاريخية على مدار الساعة، ولا تتوقف أنامله في الكتابة على مفاتيح الحاسوب، وهو يضرب عليها بطريقة سريعة ومتقنة للغاية وكأنه يحمل في داخله أمل في الحياة والخلود عبر تلك الأعمال التي حاول أن يسابق بها قطار الموت المسرع.
عند مطالعة مجمل أعمال الراحل عبد الخالق الجنبي، فإنها على مستوى الموضوع تصنف كتاباته التاريخية ضمن حقل التواريخ المحلية Local history
فكان جل منجزه يتموضع في الجغرافية التاريخية والثقافية لمدن المنطقة الشرقية، فخص تقريبا مجمل مدن هذه المنطقة بالدراسة والبحث والتنقيب.
وعند مراجعة مصنفاته على مستوى المنهج يلحظ اقتفاء منهجا مركبا ففي الغالب يعرض رواياته الأدبية والتاريخية أي التراثية إلى مقاربة نقدية، فيخضعها إلى المقارنة والمقاطعة مع الشواخص الآثارية والمعطيات على الأرض، فغير الكثير من الآراء الخاطئة وقدم آراء جديدة يعتد بها.
واللافت للانتباه حينما كنت في حضرة الراحل لبضع ساعات أعارني وهو على فراش المرض حاسوبه الشخصي ”اللابتوب“ من أجل تصفح أعماله المخطوطة المنجزة التي لم تر النور بعد، ولم تجد طريقها إلى الطباعة، فوجدت بين تلك الدراسات دراسة مفصلة تتجاوز صفحاتها الألف صفحة من القطع الكبير، وهي تدرس مدن المنطقة الشرقية بعمق، وتفصل ولاسيما القطيف والأحساء ودخلنا في نقاش عميق حولها.. لذا أثير عناية ولاة أمر الثقافة في المنطقة الشرقية في متابعة هذا المنجز وحفظه من الضياع على أمل أن يجد طريقه إلى النشر العلمي في قادم الأيام.
لمتابعة سيرة الراحل وأعماله ممكن مراجعة الرابط الآتي:
https://ar.wikipedia.org/wiki/عبد_الخالق_الجنبي