الاتجاة السياحي
هل تعلم أن 7% فقط من سكان العالم قد ركبوا الطائرة؟ وهذه الحقيقة تظهر أكثر من أي شيء آخر إمكانية النمو في صناعة السفر ولمستقبل واعد.
ويعني هذا النمو المتوقع أن السفر سيشكل أكثر من 11,6% من الاقتصاد العالمي بأكمله، مما يمثل قفزة كبيرة من تقيمه البالغ 10 تريليون دولار أمريكي في عام 2019، عندما ساهمت بنسبة 10,4% في الناتج المحلي الإجمالي العالمي. تم إصدار البيانات كجزء من تقرير الأثر الاقتصادي العالمي لعام 2023 حول السفر، وتوفر لمحة عن المشهد المستقبلي للسياحة العالمية.
نعم، يبدو مستقبل صناعة السفر واعداً حيث تشير توقعات المجلس العالمي للسفر والسياحة World Travel & Tourism Council - WTTC إلى أنها ستتطور إلى قوة قوية بقيمة 15,5 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2033.
وبعيداً عن التأثير النقدي، يلقي التقرير الضوء أيضاً على تأثير الصناعة على سوق العمل. ومن المتوقع أنه بحلول عام 2033، سيوظف قطاع السفر عدداً مذهلاً يبلغ 430 مليون فرد، وهي زيادة كبيرة من 334 مليون فرد في عام 2019. ويشير هذا التوقع إلى أن ما يقارب واحدة من كل تسع وظائف على مستوى العالم سيتم ربطها بصناعة السفر والسياحة
لكن بعض الباحثين يستكشفون المستقبل على المدى الطويل لواحدة من أكبر الصناعات في العالم، ويتحيرون من خلال الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه السياحة مع ارتفاع عدد سكان العالم وتأثيرات تغير المناخ التي قد تجعل السفر العالمي غير مستدام. ووفقا لدراساتهم، من المرجح أن يكون السائح في عام 2050 ثريا، ومغامرا، ووحيدا بشكل متزايد. وفي الوقت نفسه، قد تجد العائلات والمسافرون الذين لديهم موارد أقل، يرون العالم من خلال التكنولوجيا في غرفة المعيشة الخاصة بهم.
وتستمر الأحداث المفاجئة العالمية مثل الوباء والتحديات المستمرة المحيطة بأزمة الطاقة وتغير المناخ في التأثير على الصناعة وسلوك المستهلك. وقد استدعى ذلك المنظمات لإعادة التفكير في مستقبل القطاع وتقديم نماذج أكثر استدامة للسياحة على سبيل المثال، إذا لم يتم تغيير سلوك البشر تجاه مسألة المناخ، فسوف تكون هناك تأثيرات بيئية مستمرة للأشخاص الذين يسافرون من أجل المتعة. وتوقعت الأبحاث التي نشرها في وقت سابق من هذا العام باحثون سويديون وهولنديون أن تستهلك صناعة السياحة زيادة في المياه بنسبة 92 في المائة و 189 في المائة من الأراضي بين عامي 2010 و 2050.
وسيستمر السفر الجوي أيضاً في إحداث تأثير بيئي مع ازدياد نسبة المسافرين في السماء. وعلى الرغم من زيادة الوعي البيئي، إلا أن المسافرين عادة لا يزنون التكلفة البيئية بشكل كبير عند وضع خطط السفر، وفقاً لستيفان جوسلينج، المؤلف المشارك في البحث. ويقول أيضاً إن الاتجاهات لا تبشر بالخير بالنسبة للتحول المفاجئ إلى جمهور مسافر أكثر وعياً بالبيئة. فمن ناحية، يقول إن عدد سكان العالم يتزايد في نفس الوقت الذي ينمو فيه متوسط مسافة الطيران أيضاً. كما أن الميل إلى السفر بالدرجة الأولى أقل كفاءة في استخدام الطاقة من الطيران الاقتصادي.
كيف سيكون السفر بالمستقبل؟
البصمة الكربونية لبرنامج الرحلة، والأثر البيئي للإقامة في الفندق، وإدارة تدفق الزوار إلى وجهة شهيرة: هذه بعض التحديات العديدة التي يواجهها عالم السياحة وهو يتطلع إلى المستقبل. ولهذا السبب من المثير للاهتمام التعمق في التقرير الذي نشرته شركة Easyjet لتحديد الابتكارات التي يمكن أن تساعد في تشكيل نهج أكثر استدامة للسفر بحلول عام 2070. ويتضمن هذا التحليل التفصيلي، الذي تم تطويره بمساعدة العلماء وخبراء الابتكار في الهندسة والفضاء، بعض العناوين الرئيسية قد تكون عن إنشاء مشاريع مثل استخدام التوقيع القلبي كجواز سفر، وبالتالي تحويل بصمات الأصابع البيومترية والتعرف على قزحية العين إلى الماضي. وهناك فكرة أخرى وردت في التقرير تشير إلى أن مقاعد الطائرة المريحة يمكن أن تتكيف في المستقبل مع شكل الجسم وحجمه وحتى درجة حرارته، وهو احتمال جذاب للغاية.
في الواقع، قد لا يضطر الضيوف بعد الآن إلى التعامل مع موظفي الفندق على الإطلاق من أجل الحصول على أي نوع من مفاتيح الغرفة، سواء كانت إلكترونية أم لا، بعض أشكال المصادقة البيومترية يمكن أن تسهل فتح الباب. أما بالنسبة للتنقل طوال فترة الإقامة، فسيكون الأمر أيضاً مسألة الاعتماد على المركبات ذاتية القيادة، بما في ذلك ربما بعض سيارات الأجرة الجوية E-VTOL Air Taxis.
وفي الوقت نفسه، يمكن أن تكون الفنادق ”تعمل بالطاقة البشرية“. وفي حين تقوم العديد من الفنادق حالياً بإضافة الألواح الكهروضوئية للطاقة الشمسية لتدفئة الغرف وحمامات السباحة، يمكن للفنادق في المستقبل ”حصد الطاقة من خطوات الضيوف لتوليد الطاقة“. في الواقع، استخدم مشروع ممشى الركاب في مطار أبو ظبي الدولي مثل هذا النظام، حيث قام بالتقاط الطاقة التي تنتجها خطوات المسافرين، وتحويلها إلى طاقة خارج الشبكة تستخدم لتشغيل مصابيح LED المحلية.
وفي سيناريو آخر، يمكن للعائلات الاستفادة من طفرة تكنولوجيا الواقع الافتراضي للسفر دون تحمل نفقات أو عدم اليقين بشأن مغادرة المنزل، وهو أمر تشير له تقرير ويتنغتون Whittington إنه يمكن رؤيته بالفعل مع نمو شركات الواقع الافتراضي مثل Oculus VR, التي اشترتها فيسبوك في عام 2018. وبالتالي، فإن العطلة العائلية ستكون إلى حد كبير تجربة افتراضية وفترة راحة من ضغوط ”العالم الحقيقي“، ولكنها أيضاً خروج عن الماضي الذهبي للرحلات العائلية.
فالأبواب الخمسة التالية من هذا الكتاب تقدم لمحة متواضعة عن عالم السياحة:
- تاريخ ومفهوم السياحة
- مؤشرات المنافسة العالمية وتأثيراتها
- مساهمة السياحة في الاقتصاد وتأثيراتها
- الإدارة السياحية
- مستقبل السياحة
آمل أن يساعد السفر في المستقبل، في تعزيز المزيد من التسامح مع الأفكار والثقافات الأخرى، وأن يفتح عقولنا وأعيننا على كل الأشياء الجميلة في العالم، حتى لو كانت مختلفة عنا وعن ما عرفناه. آمل أن يصبح التعليم والسفر أكثر توافقاً. لدينا الكثير من المعرفة والتكنولوجيا والموارد في متناول اليد بحيث لا ينبغي أن يكون تثقيف السياح ممكناً فحسب، بل يجب أن يكون أيضاً أداة لتغيير العالم.
وأخيرا، يختم ”الكتاب الإلكتروني“ بكلمة أخيرة، وملحق لحالات للدراسة عن الرؤية الجديدة لصناعة السياحية. اللهم جمل أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان، وفرج هم المهمومين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين. واللهم صلى على محمد وآل محمد.