آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 4:07 م

ابتداءً من اللقمة الأولى، حاسة التذوق تساعدنا على تنظيم عملية تناول الطعام وتجنب الأمراض

عدنان أحمد الحاجي *

22 نوفمبر 2023

بقلم روبن ماركس

المترجم: عدنان احمد الحاجي

المقالة رقم 326 لسنة 2023

From the First Bite، Our Sense of Taste Helps Pace Our Eating

November 22,2023

تسجيل نشاط جذع الدماغ يبين أن براعم التذوق في اللسان [1]  هي خط الصد الأول ضد الأكل بسرعة مفرطة. معرفة كيف تعمل قد تؤدي إلى طرق جديدة لعلاج السمنة.


تستجيب الخلايا العصبية PRLH «باللون الأخضر» للإشارات الناتجة عن تذوق الطعام، وتبطئ وتيرة تناول الطعام.. تستجيب الخلايا العصبية GCG «باللون الأحمر» للإشارات الصادرة من الجهاز الهضمي وتعطي الشعور بالجوع

عندما تنهمك في تناول عشاء كنت تنتظره منذ فترة طويلة، فقد تصدك الإشارات المرسلة من معدتك إلى دماغك عن الإفراط في الأكل الذي قد يجعلك نادمًا لو أقدمت عليه - أو هكذا كان يُعتقد. هذه النظرية لم تخضع للدراسة بشكل مباشر أبدًا حتى تناول فريق من الباحثين من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو هذه المسألة مؤخرًا.

الصورة كما يبدو مختلفة بعض الشيء.

اكتشف الفريق، بقيادة زاكاري نايت Zachary Knight، أستاذ علم وظائف الأعضاء في معهد كاڤلي Kavli لعلم الأعصاب الأساسي بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، أن حاسة التذوق هي التي تصدنا عن الاستمرار في الأكل لو كنا على حافة التخمة. مجموعة من الخلايا العصبية - وهي نوع من خلايا الدماغ، التي تثار بشم نكهة الطعام، تستعد من فورها تقريبًا للحد من الافراط في تناول الطعام.

”لقد اكتشفنا المنطقية التي يتبعها جذع الدماغ ليتحكم في سرعة وكمية لتناولنا للطعام، وذلك باستخدام نوعين مختلفين من الإشارات، واحدة تأتي من الفم، والأخرى تأتي متأخرة بعد ذلك بمدة من الجهاز الهضمي“. كما قال نايت، وهو أيضًا أحد الباحثين من معهد هوارد هيوز Howard Hughes الطبي وعضو في معهد ويل Weill للعلوم العصبية بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو. ”يزودنا هذا الاكتشاف بإطار جديد لفهم كيف نتحكم في مدخولنا من الطعام.“

الدراسة [2] ، التي نشرت في 22 نوفمبر 2023 في مجلة نتشر Nature، تساعد في الكشف بالضبط عن كيف تعمل أدوية إنقاص الوزن ومعالجة السمنة مثل دواء علاج السمنة أوزمبيك Ozempic [3] ، وكيف يمكن أن نجعلها تلك العلاجات أكثر فعالية.

وجهات نظر جديدة عن جذع الدماغ

أشار باڤلوڤ Pavlov منذ أكثر من قرن مضى أن رؤية الطعام وشم رائحته وتذوق طعمه أمور مهمة لتنظيم عملية الهضم. وقد أشارت دراسات نشرت في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي أيضًا إلى أن مذاق الطعام قد يحد من سرعة تناولنا إياه، ولكن دراسة نشاط الدماغ أثناء تناول الطعام كانت مستحيلة حينئذ لأن خلايا الدماغ التي تتحكم في هذه العملية تقع في أعماق جذع الدماغ، مما جعل الوصول إليها أو تسجيل نشاطها في حيوان مستيقظ أمرًا صعبًا. وقال نايت إن هذه الفكرة قد نسيت بمرور الزمن.

تقنية البحث الجديدة التي طورها المؤلف الرئيس ترونغ لي Truong Ly، طالب الدراسات العليا في مختبر نايت، سمحت بأول تصوير وتسجيل نشاط بنية جذع الدماغ المهمة للإحساس بالشبع، والتي تسمى ب نواة السبيل المنفرد [4] ، أو NTS، في حالة الفأر المستيقظ والنشط. واستخدم نأيت هذه الطريقة لدراسة نوعين من خلايا الدماغ المعروفة منذ عقود طويلة بأن لها دوراً في تناول الطعام.

ووجد الفريق أنه عندما وضعوا الطعام مباشرة في معدة الفأر، تَشِّطت إشارات المغذيات المرسلة من الجهاز الهضمي خلايا الدماغ التي تسمى PRLH «وهي الحروف الأولى لـ الهرمون الذي يفرز هرمون البرولاكتين [5] »، وذلك انسجامًا مع التفكير التقليدي ونتائج الدراسات السابقة.

ومع ذلك، عندما سمحوا للفئران بتناول الطعام كعادتها، لم تظهر تلك الإشارات من القناة الهضمية. ولكن، عصبونات ال PRLH في الدماغ تحولت إلى نسق نشاط جديد تم التحكم فيه بالكامل من قبل الإشارات الواردة من الفم.

”لم يكن متوقعًا أبدًا أن هذه الخلايا قد نشَّطَها الإحساس بطعم الغذاء،“ كما قال ترونغ لي. ”هذه النتائج تبين أن هناك عناصر أخرى لجهاز التحكم في الشهية يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.“

علي الرغم من أنه قد يبدو من غير البديهي أن تقوم أدمغتنا بإبطاء سرعة أكلنا للطعام عندما نشعر بالجوع، إلا أن الدماغ يستخدم في الواقع مذاق الطعام بمجموعتين مختلفتين من الخلايا العصبية بشكل تزامني. إحدى المجموعتين تقول، ”مذاق هذا الطعام جيد، تناول «كُلْ» منه أكثر“، والآخرى تهتم بمراقبة مدى سرعة تناول الطعام وتقول، ”أبطئ من سرعة أكلك منه وإلا فسوف تمرض“.

”بيضة القبان بين هذه العناصر هو مدى سرعة تناول الطعام،“ يقول ترونغ لي.

التباطؤ الناجم عن عصبونات ال PRLH يبدو منطقيًا أيضًا من حيث التوقيت. مذاق الطعام يثير هذه الخلايا العصبية «العصبونات» على تبديل «تغيير» نشاطها في ثوانٍ، بدءً من مراقبة القناة الهضمية وحتى الاستجابة للإشارات الواردة من الفم.

وفي الوقت نفسه، تحتاج مجموعة مختلفة من الخلايا العصبية، تسمى عصبونات ال GCG، إلى الكثير من الدقائق للبدء بالاستجابة للإشارات الواردة من المعدة والأمعاء. خلايا الدماغ هذه تستجيب على فترات زمنية أبطأ بكثير من استجابة عصبونات ال PRLH - اذ تحتاج إلى عشرات الدقائق - ويمكنها كبح الجوع لفترة أطول بكثير.

”تعمل هاتان المجموعتان من الخلايا العصبية معًا على إنشاء حلقة تغذية أمامية [6]  وتغذية راجعة“ كما يقول نأيت. ”نوظف إحدي مجموعتي العصبونات مذاق الغذاء لإبطاء عملية الأكل مترقبةً ما سيحدث بعد ذلك. والمجموعة الأخرى توظف إشارة القناة الهضمية لتقول:“ هذه هي الكمية التي أكلتها بالفعل". حسنًا، أنا شبعانة الآن ولا أحتاج إلى مزيد من الغذاء! ‘‘

استجابة عصبونات ال GCG في الدماغ لإبطاء سرعة الإشارات الواردة من القناة الهضمية تحتاج إلي إفراز هرمون ال GLP-1، وهو الهرمون الذي تم استنساخه في أدوية سيماغلوتايد «Semaglutide والتي تباع تحت أسماء تجارية: أوزمبيك Ozempic ووغوڤي Wegovy» [3]  وأدوية جديدة أخرى لعلاج السمنة وإنقاص الوزن

تعمل هذه الأدوية على نفس المنطقة من جذع الدماغ التي سمحت التقنية التي طورها ترونغ لي للباحثين بدراستها أخيرًا. وقال: ”الآن لدينا طريقة لمعرفة ما يحدث في الدماغ من عمليات تجعل هذه الأدوية مؤثرة“.

وقال الباحثون إن الفهم العميق لطريقة كيف تتحكم الإشارات من مناطق مختلفة من الجسم في الشهية من شأنه أن يفتح الأبواب على مصاريعها لتصميم أدوية إنقاص الوزن وعلاجات السمنة مصممة لطريقة أكل كل شخص وذلك من خلال تحسين كيف تتفاعل الإشارات الواردة من مجموعتي عصبونات الدماغ هاتين «PRLH وGCG».

ويخطط الفريق لدراسة تلك التفاعلات، سعيًا إلى فهم أفضل لكيف تتفاعل إشارات مذاق الطعام مع الاستجابة الراجعة من الجهاز الهضمي لكبت الشهية أثناء تناول وجبة الطعام.

مصادر من داخل وخارج النص.

[1]  https://ar.wikipedia.org/wiki/برعم_ذوقي

[2]  https://ar.wikipedia.org/wiki/جذع_الدماغ

[3]  https://ar.wikipedia.org/wiki/سيماغلوتايد

[4]  https://ar.wikipedia.org/wiki/نواة_مفردة

[5]  https://ar.wikipedia.org/wiki/برولاكتين

[6]  ”التحكم في التغذية الأمامية «feed forward control»، وهي آلية يتم استخدامها للحد من المشاكل قبل حدوثها، والحفاظ على مستوى مُحدد من الأداء، وذلك من خلال مراقبة مدخلات الأداء ومقارنة النتائج المتوقعة مع النتائج التي تم تنفيذها وتحقيقها، وذلك للتحقق من وجود أي انحرافات، واكتشافها في وقت مبكر من أجل العمل على معالجتها والسيطرة عليها، واتخاذ كافة الإجراءات التصحيحية اللازمة لحلها، والتأكد من عدم انتشارها وتسببها في العديد من المشاكل في المستقبل.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://www.meemapps.com/term/feedforward-control

المصدر الرئيس

https://www.ucsf.edu/news/2023/11/426631/first-bite-our-sense-taste-helps-pace-our-eating