أحلام صغيرة
يسدل الستار على أعين الكبار!
يسأل الكبار الصغار ما الذي تريدون أن تصيروا إليه عندما تكبرون؟ فيحلِّق كل طفل صغير عبر غيمته التي فوق رأسه.
كل شخص يجيب بحلم بريء وليس المقصود ما يلقّنه الكبار في عقولهم بأن يقولوا لهم أن تصبح كابتنا يحلق في السماء أو طبيبا أو مهندسا، بل أقصد تلك الأحلام التي تكون بقدر إدراك عقولهم، فنرى أن استخدام الجزء الأيسر من المخ يطغى على استخدام الجزء الأيمن وهو المسؤول عن الإبداع.
أن يكون المرء ضمن قواعد محددة يتم تلقينها إياه منذ الطفولة فيكبر ويمشي في الطريق نفسه والاتجاه ولا يفكر في النظر للجانب الآخر.
ما أود قوله أن يجيب الطفل بأن يتمنى - مثلا - أن تكون له غرفة ضخمة مليئة بالألعاب، ثم يكبر ويتغير حلمه فيختار آخر وهكذا إلى أن يجد الأمر المناسب له دون أن يحلم أحلام الكبار ويحققها عندما يكبر.
هي أحلام صغيرة تموت قبل أن تخلق، قد يسخر البعض على حلم طفل صغير أو يراه لا شيء لأنه ينظر له من زاويته الكبيرة غير مدرك لحجم إبداع هذا الطفل إذا فكّر خارج الصندوق، أو أن يكون له رأي واختيار وحلم وهو لايزال صغيرا، فلم ينظر كقرينه في الصف وكأنه لم يفهم، ولا قال لا أعلم بل فكر وأجاب.
مجرد حلم يرافقه في يومه بين ركضه وقفزه وألعابه، بعض النظرات تكون سوداوية من قبل الكبار فتبيّن للصغير أن هذا الحلم لن يؤكلك عيشًا ولا ملحًا فيثبّط من حماسته وهكذا في كل مرة يموت حلم، بعضها قد تُقال وبعضها قد تموت خوفا من الإفصاح عنها.
إنها مفارقة بين التشجيع والردع، لكن هل يحق لك أن تردع شخصا عن الحلم بغضِّ النظر عن كونه كبيرا أو صغيرا؟ وإذا كان لك الحق في ذلك فجرّب أن تنام فيأتي أي شخص ويوقظك وأنت في أجمل ساعات سباتك العميق ووقت راحتك، حتما سيكون حينها رأيك أنه لا يحق له فعل ذلك، فلِمَ إذن أعطيت الحق لنفسك لفعلها؟ وما الفرق بين حلم جميل وأنت مغمض العينين؟ أو محلق بين الغيوم؟!
ما يحقق الأحلام هو تفويضها لله أولا ونقول إن شاء الله، وثانيها هو السعي نحوها إن كانت بسيطة وحتى إن كانت صعبة بالنسبة لنا حيث تختلف البساطة والصعوبة بناء على كل شخص وزاويته المختلفة حسب ثقافته وعمره وإمكانياته. احلم كما تريد وإن رأيت من يكبح من عزيمتك فلا تخبره بها لكن لا تتوقف عن رؤية غيمتك.
هل تلك الغيمة الصغيرة يجب أن تكبر معنا؟ أم أنه يجب أن يسدل الستار عليها حتى نسمع ”كبرت ولا زلت..“؟