آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

الغرب وأزمة حقوق الإنسان

أمير بوخمسين مجلة اليمامة

لم يفتأ الغرب في ادعاءاته المناداة بحقوق الإنسان، واستخدام هذه الشماعة كعصاة للضغط على دول العالم الأخرى من أجل الاستجابة لمطالبه الاستعمارية، وتمرير سياساته الخبيثة باسم حقوق الإنسان والحصول على اطماعه من هذه الدول. في الوقت الذي يمارس كافة أنواع الاضطهاد تجاه شعوبهم التي سئمت من نفاق الطبقة الحاكمة في بلادهم، حيث الممارسات القمعية لمن يختلف معهم، ولعل الأحداث خلال السنوات الأخيرة في أميركا وفرنسا وبريطانيا وبقية دول أوروبا كشفت الوجه الحقيقي لدعاة الحضارة والديمقراطية المزيفة التي لا زالت تنطلي على الكثير من شعوب العالم، هذا الغرب المتوحش لم تقم له قائمة إلا على جماجم شعوب دول العالم الأخرى المخالفة له، وهو الذي يطلق عليها بالعالم الثالث أو دول العالم النامي، فنجد حتى في التسميّات سخرية وتسقيط من مكانة هذه الشعوب. ولعل ما نجده في حريتهم المزعومة وديمقراطيتهم ما هي إلا فردانية وأنانية على حساب الآخر، وهذا ما اتضح من خلال محاولاتهم اليائسة والفاشلة لفرض سياساتهم القذرة على المجتمعات الأخرى من أفكار الشواذ وإلغاء كافة مسميات الجنس البشري من ذكر وأنثى ومحاربة قيم الأسرة وتدمير القيم الأخلاقية من أجل إيجاد مجتمع منحل وساقط. ولم يكتفوا بذلك، بل حاولوا بفرض هذه السياسات بالقوة والمقاطعة الاقتصادية، بل وصلت إلى استخدام وسائل العنف في التعامل مع البعض من مجتمعاتهم الرافضة لهذه الأفكار المنحلّة.

ومع الأسف الشديد نجد من ينظّر لهذه الأفكار من نخبهم المثقفة التي تدعي الحضارة والإنسانية، وتدعو للتفسخ، ولعل انكشاف حقيقتهم عندما بدأت الحرب على غزة، فلم يبق كاتب ولا مفكر ولا صحفي ولا مسؤول سياسي غربي إلا ووقف جنباً إلى جنب مع الكيان المحتّل في قتلهم للشعب الفلسطيني إلا قلة من كتابهم ومفكريهم، ولم يبق مرتزق من دول الغرب إلا وهَبّ لمساعدة هذا الكيان المحتل، وهو ما صرّح به هؤلاء المرتزقة عندما تم اعتقالهم وأدلو باعترافاتهم. لقد أثبتت هذه الحرب حقيقة ما يسمى بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان، بأنه أداة للاستخدام السياسي للقوى الكبرى تستخدمه متى ما تشاء من أجل فرض ممارسات سياساتها على الدول الأخرى، فعندما تصوّت 153 دولة في الأمم المتحدة ضد كيان الاحتلال وإدانته لارتكابه المجازر الوحشية تجاه الشعب الفلسطيني، وترفض أميركا والدول الغربية التابعة لسياستها القرار باستخدام أميركا حقو النقض“الفيتو”فهذا دليل على عدم الالتزام لمبادئ حقوق الإنسان والإعلان العالمي، وإن ما يدّعيه الغرب هٌراء. إن الموقف المتكالب للغرب وتعامله وفق سياسة الكيل بمكيالين هو الذي ألهب حفيظة شعوب العالم للقيام ضد النفاق الغربي المتمثل في قياداتهم وسياسييهم ضد صمته تجاه المجازر الوحشية للكيان المحتل بحق الشعب الفلسطيني وضد إبادته للمدنيين بغير هوادة. إن حقوق الإنسان التي يلّوح بها الغرب حق يراد بها باطل ويجعلها حصان طروادة فتوحاته، وأن يمارس وصايته على دول العالم التي لا تخضع له. في كتاب“ معذبو الأرض”للكاتب فرانز عمر فانون طبيب وفيلسوف فرنسي جزائري ألقى جام انتقاداته بأن“ الغرب الذي يتحدث عن الإنسان، لا يتورّع أن يخنقه عند منعرج كل زقاق”.