آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 11:37 م

عام جديد وحلم جديد

فاضل العماني * صحيفة الرياض

قبل يومين، أُسدل الستار على عام طويل وحافل بالكثير من الأحداث والمواقف والتطورات والتحولات، وبدأ عام جديد بكل ما يحمله من أحلام وآمال ورغبات وطموحات وتطلعات، عام جديد تزدحم فيه كل الملامح والتفاصيل المتعددة والمتوازية، عام جديد تتعاظم فيه كل الأمنيات والرغبات وتتوجس فيه كل التحديات والانطلاقات. عام جديد، بشعاره الجديد المتوشح البياض والنقاء والتفاؤل والأمل، ولكنه على موعد حتمي مع الظروف والواقع والصعوبات والتحديات.

متلازمة العام الجديد، أنشودة جميلة ممتلئة بنشوة الفرح وتمتمات الألق، هكذا هي ملامح البداية التي تتشكل في خلجات القلوب العاشقة للبدايات الأنيقة التي يرسمها العام الجديد بكل آماله وأحلامه وطموحاته وتطلعاته، حزمة بيضاء لم تتلون بعد بواقع الحياة الذي ستطل أحداثه وتحولاته قريباً، وقريباً جداً، لقد مضى عام طويل بكل ما حمل من تفاصيل وحكايات ومواقف وأحداث، وها نحن على أعتاب عام جديد، نتلمس فيه بفرح يشوبه الحذر، وبأمل يشاكسه الصبر، لتبدأ حكاية جديدة من دفتر العمر الذي تكتبه الأحداث والمواقف والألوان والأشكال والتفاصيل المتشابهة والمتضادة التي تُشكلها أفراحنا وأحزاننا، أحلامنا وواقعنا، طموحاتنا ومخاوفنا، انتصاراتنا وخيباتنا، ضحكتنا ودموعنا، والكثير الكثير من التفاصيل الجميلة والبديعة والطموحة، تماماً كنقيضاتها من التفاصيل الحزينة والبائسة والمؤلمة.

كعادته، مر العام الماضي سريعاً، كما لو كان على عجل، لا يلتفت لكل تلك النداءات والطلبات التي بُح صوتها وتاه أملها. عام يمضي، يحمل على ظهره المثقل حقائب الحكايات التي كتبتها كل تلك السنين، وتلك الذكريات التي أرهقها كاهل الحنين.

بنهاية كل عام، هناك ثمة ”كشف حساب“ أو ما يُطلق عليه ”جرد سنوي“ تُمارسه الشركات والمؤسسات والبنوك لكل الأرقام والنسب والإحصائيات والبرامج والمشروعات والملفات والخطط التي أنجزت وتحققت على صعيد الواقع، وكذلك التي لم تُنجز أو تتحقق، كشف حساب كامل وشامل ودقيق لكل تفاصيل العام المنصرم، وتلك ”عادة سنوية“ تُباشرها تلك الوزارات والشركات والمؤسسات والبنوك، كمراجعة ضرورية لميزانية عام كامل. كشف حساب كهذا، يُسهم بلا شك في كشف مكامن القوة والتميز والتفوق والإنجاز، تماماً كما يُبرز ملامح الضعف والقصور والخلل والترهل. هذا الكشف الذي يُمثّل سلوكاً ذكياً وفعالاً ومثمراً في الوزارات والشركات والبنوك، بحاجة ماسة لأن يُحاكى ويُستنسخ ويُقلّد على صعيد حياتنا الخاصة. نحن أيضاً بحاجة لعملية كشف حساب أو جرد سنوي لكل تفاصيل حياتنا للوقوف على حقيقتنا كما هي، بعيداً عن كل مظاهر الكذب والزيف والتبرير. كشف حساب، هو أشبه بمراجعة شاملة ومكاشفة دقيقة ومواجهة صريحة لكل ما صدر منا من أقوال وأفعال ومواقف وأحداث وتحولات واصطفافات وتجاذبات وخلافات وخصومات، كشف حساب، هو بمثابة الصدمة التي نحتاجها كل عام لتهز أركان الواقع الذي يجب أن نراه كما هو. كشف حساب، يُعلّق جرس الإنذار لكي نعرف حقيقتنا وننتقد حكايتنا.

نعم، نحن بحاجة ماسة وضرورية، لكشف حساب دقيق لحياتنا بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة، لكي نستطيع تقييم إنجازاتنا وإخفاقاتنا في عام مضى بشكل موضوعي وشفاف، ولكي نرسم خارطة حقيقية لعامنا الجديد بشكل يضمن تحقيق أحلامنا وتطلعاتنا.