آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 4:07 م

”أنت اطلعي بره“ كصفعة خد من المدير

مفيدة أحمد اللويف *

الموقف الذي سأذكره لكم حصل قبل سنوات وكأنه بالأمس، كعادتي كل صباح اتجهت للدوام عند الساعة السابعة؛ حيث إن دوامي يبدأ عند الساعة السابعة والنصف، ولكن لبعد المسافة كنت أذهب باكرا، حوالي الساعة الثامنة ذهبت كالمعتاد مع زميلاتي للكافيتيريا لتناول وجبة الفطور، وبعدها عادت كل واحدة منا لتتسلم مكانها بالقسم وعند دخولي القسم، وإذا بصوت عال جدا من ورائي يقول: ”أنت اطلعي بره“ أدرت ظهري لأتأكد من هو ذلك الشخص، وإذا به مدير القسم!

فسألته: ”أنت تقصدني؟“ فأجابني: ”نعم أقصدك أنت ولا تعودي للقسم إلا بعد أن تذهبي إلى قسم متابعة الدوام“ أصابتني الغبنة وفجعت من ذلك الأسلوب الغير المهذب وغير اللائق، ولكنني تماسكت وقلت له: ”أريد فقط أن آخذ حقيبتي“ فمنعني حتى من أخذ أغراضي الشخصية، فاضطررت للخروج من القسم والذهاب لقسم المتابعة.

الغريب في الموضوع أنه رفع صوته علي أمام كل الموظفين، ولم يحرك أحدهم ساكنا، بالرغم من أنني كنت جديدة في المكان حيث نقلت هناك قبل أربعة أشهر فقط.

ذهبت خارج المستشفى لأخفي دموعي فلأول مرة طوال فترة عملي يصرخ علي أحدهم، 15 سنة في مجال عملي والكل يتعامل معي بكل احترام وتقدير؛ لأنني إنسانة محترمة مع الجميع، فبالرغم من كثرة المشاكل التي كان يثيرها بعض الموظفين أو الموظفات، والتي كانت تثار فقط لأنني أحمل شهادة ماجستير، إلا أنني كنت أتعامل مع الجميع بكل أدب، ولم أرفع صوتي يوما على أحد كان سواء زميل أو زميلة، اتصلت هاتفيا بزوجي؛ لأن المدير بصراخه علي قد أهانني أمام الجميع، وكان لا بد من الاعتذار، ذهبت بعد ذلك لقسم المتابعة، ولاحظ مديرهم الدموع في عيني فقال لي: ”مديرك كان يريد أن يرفع شكوى ضدك على أنك لم تداومي، ولكنني منعته“ ولم تكن هذه الشكوى الأولى ضدي، فقد كانوا يختلقون الشكوى من اللا شيء ومع ذلك فقد تحملت وحاولت أن أبذل جهدي لأكون أفضل من السابق.

كان زوجي مشغولا عندما اتصلت به، ولكنه ترك كل شيء وجاءني مسرعا، ثم توجه مباشرة لمديري، فرحب به المدير وخاطبه بكلام معسول ليغطي على فعله القبيح، وطلب مني أن أخرج لينفرد بزوجي، ولكن زوجي رفض خروجي من غرفة المدير، فلم يعطه فرصة بالكلام وقال له: ”زوجتي هنا لتعمل فقط، وليس من حقك أن ترفع صوتك عليها والآن يجب أن تذهب معنا لإدارة المستشفى لأننا سنشتكي“.

توجهت وزوجي لإدارة المستشفى، وأخبرتهم بما حصل فطلبوا مني أن أرفع شكوى ضد المدير، ولكنني رفضت ذلك، وأخبرتهم أنني أريد فقط من مدير القسم أن يتكلم معي بأدب وأن لا يرفع صوته في وجهي مرة أخرى، وإن أراد أن يشتكي لأي سبب كان فليرسل لإدارة المستشفى الملايين من الشكاوى شرط ألا يتعرض لي بالصراخ مرة أخرى، بعد ذلك الموقف لم أتمكن من الاستمرار في ذلك المستشفى، وطلبت النقل منه، فقد كرهته لدرجة أنني تغيبت شهرا كاملا إلى أن تمت إجراءات نقلي لمكان آخر.

هذا لا يعمم على الجميع، فقد كان أول مدير لي أفضلهم جميعا، وقد كان نقله خسارة كبيرة لنا، وختاما لمقالي أتمنى أن يكون هناك تدريب في التخلق بالأخلاق الحسنة وكيفية التعامل مع الموظفين قبل أي تدريب آخر لكل شخص يرشح للإدارة.