ظاهرة التقديس بين حدين
هل ظاهرة تقديس الأشخاص ظاهرة جيدة أم لها أضرار على الطرفين؟ نقصد بالطرفين، الشخص المقدس والشخص الذي يقدس الآخرين.
سنأخذ الجواب من جهة طلاب العلم لأن التقديس يكون عادةً من جهتهم وإلا هناك من يقدس المشاهير اليوم ولكن إذا وقفنا على تقديس رجال الدين فيكون ما دونهم من باب أولى وأكثر تدقيقا فتأمل وتفكر وكن كيساً فطناً.
ظاهرة التقديس إذا لم تكن ضمن نظام متوازن يجمع بين العقل والعلم والسيرة الحسنة والعاطفة تكون ضارة على صاحبها أيا كان من يُقدسه ولكي يكون الإنسان أكثر حكمة فعليه أن يأخذ بقول سيد الحكمة أمير المؤمنين تكون في حالة توازن «إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله» [1] .
فعليك أن تجتهد لمعرفة الحق إذا عرفته حق معرفته ضع من تُقدسه على ميزان هذا الحق فإن وافق فقدسه وإن خالف ذلك توقف وخذ منه ما ينفعك في آخرتك..
وهناك ميزان دقيق وضعه رسول الله ﷺ في تقييم العالم الذي تأخذ معالم دينك منه
[لا تجلسوا عند كل عالم يدعوكم إلا عالم يدعوكم من الخمس إلى الخمس: من الشك إلى اليقين، ومن الكبر إلى التواضع، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن العداوة إلى النصيحة، ومن الرغبة إلى الزهد.] [2] .
فإذا وقع الإنسان في أحضان العاطفة المفرطة من جهة من يُقدس دون التوازن الذي تقدمنا به بين العقل والعلم والسيرة الحسنة والعاطفة فإنه سيرى أنه سيبرر كل فعل فعله أو قول قاله محبوبه..
ولذا ورد عن أمير المؤمنين علي «أحبب حبيبك هونا ما، فعسى أن يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما فعسى أن يكون حبيبك يوما ما.» [3] .
هذه القاعدة من مولانا أمير الحكمة علي تجعلنا أمام موازنة التي أشرنا إليها.
أما من جهة المُقَدس: هذه نعمة اسمها الجاه وهي تفضل من الله - سبحانه وتعالى - عليه فليتقي الله - سبحانه وتعالى - على هذه النعمة فلا يستغلها في إرضاء نفسه وإنما يجعلها في خدمة الدين والمذهب
فقد ورد عن الحسين، عن أبي عبد الله ، قال: ما من مؤمن بذل جاهه لأخيه المؤمن إلا حرم الله وجهه على النار، ولم يمسه قتر ولا ذلة يوم القيامة، وأيما مؤمن بخل بجاهه على أخيه المؤمن وهو أوجه جاه منه إلا مسه قتر وذلة في الدنيا والآخرة، وأصابت وجهه يوم القيامة نفحات النيران، معذبا كان أو مغفورا له. [4]
التوازن بين العقل والعلم والسيرة الحسنة والعاطفة ضمن الحدود الشرعية هو الأهم في قضية التقديس والمُقدس.
والحمد لله رب العالمين.