آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 9:31 م

أم البنين (ع) أعظم باكية على الحسين (ع)

زاهر العبدالله *

كيف وصلت أم البنين هذا المقام لتكون مقصد وسيلة وبابا من أبواب الحوائج؟

أم البنين من زوجات سيد الموحدين أمير المؤمنين علي وهي الأعلى منزلة بعد الزهراء بما شرفها الله تعالى بسبب تضحيتها بأبنائها. من أصعب الأمور على الذات والنفس أن ينكرها صاحبها وتذوب في المحبوب المطلق وهو الله سبحانه وتعالى وهذا المقام أي الذوبان لا يناله إلا الأنبياء والمرسلون والأولياء والصالحون من عباده لأنهم باعوا أنفسهم لله سبحانه فكانوا مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ الله رَؤُفٌ بِالْعِبادِ [البقرة، 207].

صحيح أن أجلى مصاديقها في وقت نزولها سيد الأولين والآخرين بعد خاتم النبيين والمرسلين محمد ﷺ هو أمير المؤمنين إلا أن الآية طريق من طرق الكمال رايته أمير المؤمنين لكنه مفتوح لمن يحب أن يسلكه من الصالحين ومن هؤلاء الصالحين:

أم البنين وقد نالت هذا المقام العظيم لعدة أسباب منها:

1 - لأنها آثرت أهل بيت العصمة والطهارة على نفسها وبذلت أغلى مهجها في سبيل الله ليكونوا شهداء بين يدي حجة الله في أرضه مولانا الحسين .

2 - لأنها وطنت نفسها على خدمة أولياء الله فذابت في حبهم.

3 - لأنها أدركت أن الفوز في هذه الحياة متمثل في الحسين .

4 - لأنها علمت أن البكاء على الحسين من أعظم القربات فصارت أعظم باكية على الحسين فقد ورد في فضل البكاء على الحسين عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر ، قال: كان علي بن الحسين «عليهما السلام» يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي «عليهما السلام» دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا، وأيما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خده فينا لأذى مسنا من عدونا في الدنيا بوأه الله بها في الجنة مبوأ صدق، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل على خده من مضاضة ما أوذي فينا صرف الله، عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار. انظر: كامل الزيارات لجعفر بن محمد بن قولويه ص 201,5 -

لأنها أيقنت بوعد الله تعالى يوم القيامة أنه سيوفيها أجور الصابرين من قوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة، 155]. نكتفي بهذا القدر ونسأل من الله تعالى أن ننال زيارتها في الدنيا وشفاعتها يوم القيامة والحمد لله رب العالمين.