آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 7:28 م

المعلّمةُ المُهاجرةُ

ليلى الزاهر *

عظّم الله أجور المنابر الحسينيّة والمدارس العلميّة.

هجرتْ الدنيا سريعًا بعد أن تركتْ خلفها إرثًا من الأثر العبق، صادقة القول والعمل.

شاع اسمها منذ أكثر من أربعين عامًا في الأوساط الحسينيّة «أم صادق» هكذا كنّا نُكنيّها، أما بين طالباتها عُرفت بالمعلّمة صديقة علي جعفر آل خزعل.

عملت معلمة لغة عربيّة في حفر الباطن ثم في منطقة الأوجام وتنقّلت بين مدارس المنطقة وختمت سنواتها الوظيفيّة في الثانوية الأولى بالعوامية.

تبنّت خدمة المذهب منذ صغرها وجعلت رسالتها الحسين بكل تفاصيله، تدور حيث يدور النّعي على الحسين، وتقف على أبواب الخدمة الحسينيّة فكان الولوج شرفًا لها. جاهدتْ وبذلتْ كل ما لديها من أجل الحسين وكانت لها اليد الطولى في وضع اللّبنة الأساسية في الحسينيّة الزينبية في شمال العوامية.

ومن منّا نساء وفتيات في بلدة العوامية لايعرف فقيدة المنبر الحسينيّ التي صنعت لها مكانة خاصّة في القلوب.

حياتكِ كانتْ قصّة أغرقتِها بأحداث مُلهمة في عمل الخير، ورحيلك أشبه بحلم مُزعج نبتت أشواكه المؤلمة في قلوب جميع من عرفكِ.. كل مترادفات الحزن لاتفي بذهول الفقْد. لكن الحكمة الإلهيّة اقتضت رحيلك وأنتِ لازلتِ تقودين مراكب العطاء.

يتملكّني إحساس الحزن والألم لأنني لم أعرّج عليكِ قبل سفري؛ لذلك كان الألم عندي مضاعفا عندما تلقيتُ خبر رحيلك وأنا بعيدة عن أرض الوطن.

العزيزة صديقة الصدوقة:

أعرفُ أنّكِ رحلتِ ولن تعودي إلّا من خلال الذكريات، وقد تُطلّين على أحبتك من إحدى نوافذ الغيب، لذلك عاهديني ولو بزيارة واحدة تطفئين بها لوعة الفراق.

أمّا زورقكَ الذي أفرد شراعه في بحر الله ودون وداع أو استئذان فلن أعتب عليه لأنّكَ أسلمتِ له وأطعتِ عندما سقطتْ الأوراق، فأبصرتكِ مودّعةً وأنتِ ترددين برضا:

﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِي لَكَ أَمْراً «سورة الكهف: 69»

ولأن يومكَ كان يوم الجمعة فقد أصبح قبرُك كهفًا مضيئا يتصاعد نوره فتغشاه جَنَّاتُ عَدْنٍ، حليتكِ فيها أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ، ولباسك الأخضر لون الحياة المُتجدد، حرير بنوعيه السندس الناعم والإستبرق الخشن هنيئا لك في جُمعتك هذه وفي برزخك الأبيض النقيّ حين تنْدبين إمامَ زمانِك وما عساكِ أن تذبلي حتّى وأن خطفّ الموتُ أنفاسَكِ.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
أبو باقر
[ القطيف ]: 24 / 12 / 2023م - 4:03 ص
عظّم الله لك الأجر أستاذة ليلى