آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 4:07 م

اصنع التغيير وابدأ منذ اللحظة

مفيدة أحمد اللويف *

لا تتمسك بمكان قد لا يناسبك!

قد يتألم بعض الناس بسبب أنهم لم يتمكنوا من تحقيق أهدافهم، بالرغم من أنهم وصلوا لنقطة البداية التي قد تقودهم لتحقيقها، ولكن لربما كان ذلك الطريق لا يتناسب مع شخصياتهم أو ظروفهم، وقد يسبب لهم التعاسة، وقد لا يتمكنون من الوصول بسبب ذلك، تقول ثريا في تجربتها مع الابتعاث: ”لا تتمسك بمكان أنت لا تنتمي إليه“، حكاية ثريا تبدأ مع بداية ابتعاثها لدولة بريطانيا وحيث أنها تعرضت للإساءة والضغوط من مشرفها الدراسي، ومرت بظروف قاهرة جدا في جامعة برمنجهام جعلتها في نهاية الأمر، وبعد مضي ثلاث سنوات تنسحب من الابتعاث، لقد حاولت ثريا جاهدة أن تتمسك بمكانها، وبذلت كل ما بوسعها لإتمام مرحلة الدكتوراه في تلك الجامعة، بالرغم من البيئة المحبطة التي لم تتناسب معها، والتي كان من الممكن أن تخسر نفسها بسبب ما مر بها - على حد تعبيرها - تقول ثريا ”بالرغم من النهاية السيئة، لكنني بالنهاية كسبت نفسي وأكبر خطأ عملته هو مقاومتي أكثر من اللازم، وتعلمت ألا أتمسك بمكان لا أنتمي إليه، ولم أجد سعادتي ونجاحي فيه“.

الفشل مجرد مرحلة تحول

لقد مر علي أشخاص كثيرون في بلاد الغربة قد اضطروا إلى الاستقالة من وظائفهم، والتي لم يتمكنوا من التأقلم فيها مهما حاولوا ورحلوا لدول أخرى بهدف إتمام مسيرتهم العلمية ولهدف تطوير الذات بتغيير تلك البيئة التي لم تتناسب معهم، البعض لربما تمكن من تحقيق الإنجازات هناك، ولكن البعض الآخر قد أخفقوا في المسيرة الدراسية بسبب ظروف الحياة الصعبة التي قد يمرون بها، أو لربما بسبب عدم تمكنهم من التأقلم مع البيئة المحيطة، وقد يقررون بالنهاية الانسحاب من المدرسة، سواء كانوا من المبتعثين، أو على حسابهم الخاص، فيحاولون بعد بعدها البدء من جديد بالبحث عن مكان آخر ملائم لهم.

ربما يصاب البعض بالإحباط الشديد، وتصيبهم الحسرة والألم ويعتبرون أنفسهم فاشلين ويلومون أنفسهم بشدة، ولكن هذه ليست نهاية العالم وغير مقياس لنجاح الشخص أو فشل فالفشل جزء لا يتجزأ من النجاح، بل يعتبر مرحلة من مراحل النجاح، وقد تكون هذه المرحلة مجرد نقطة تحول لبداية أخرى تنتهي بالنجاح، لذلك لا بد من الصبر والاستمرار واستغلال كل المواقف بشكل إيجابي، حتى يستفيد الشخص من التجارب السابقة في مسيرة حياته حتى لو كانت فاشلة.

جميل أن يطمح الإنسان ويبذل الجهد في سبيل إكمال تعليمه لهدف تطوير الذات أو بأن يكافح من أجل الحفاظ على وظيفة معينة سواء لهدف كسب الخبرات أو لتأمين المعيشة، ولكن من رأيي الشخصي إذا كان ذلك قد يؤدي لخسارة الصحة أو لفقدان الذات، فإن من الأفضل الانسحاب والبحث عن البدائل المناسبة للشخص فكل ما يمر علينا في هذه الحياة هو لحكمة من الله سبحانه وتعالى ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ [البقرة: آية 216].

انتهز الفرص في تطوير الذات بكسب الخبرات وصقل المهارات

إن أغلب الناس في الدول الغربية قد لا يلتزمون بوظيفة معينة أو بالدراسة في مجال محدد، فترى البعض ينتقل من مكان لآخر أو من وظيفة لأخرى بهدف كسب الخبرة والتغيير من حياتهم باستمرار، خصوصا إذا لم تتناسب معهم البيئة الدراسية أو الوظيفية، وهناك آخرون قد نسميهم الفاشلين يستمرون في تطوير مواهبهم ومهاراتهم وصقلها مهما كانت حتى لو بدت تافهة، فترى في سنتر المدينة مثلا شخص يأتي كل ويك إند «نهاية الأسبوع» ويستعرض بالنار والسكين، ويتجمهر حوله الناس ليشاهدوا ما يفعل ويشجعونه بدفع المال، وترى آخر يحمل قيثارا، ويعزف طوال اليوم، ويأتي لمن يشجعه بدفع المال، وترى آخرين يستعرضون بأي شيء ويظلون صامدين لفترة حتى لو لم يتمكنوا من الحصول على المال فتنقلب بشكل إيجابي لإسعاد النفوس، لقد تفاجأت عندما وجدت صدفة عند تصفحي في النت أنهم وصلوا لدرجة إضافة مرحلة دراسية لإتمام الدكتوراه في الحماقة طبعا هذه لا تعمم على الجامعات ولكنها موجودة.

وأخيرا نصيحة لكل إنسان طموح، عليه أن يحدد نفسه أهدافا، ويسعى من أجل تحقيقها، وليستمر بالطريق وإن كان وعرا، فما أروع أن نكافح من أجل تحقيق حلم صغير، إن علينا أن نصبر ونتحمل مهما واجهنا من عقبات، وإن أخفقنا فلا بأس بذلك فقد نحتاج فقط لتغيير المسار لنتوجه للمكان المناسب، لا تيأسوا مهما كان الطريق طويلا فالحياة لن تتوقف من مجرد موقف فلربما نحن بالقرب من نقطة الوصول، وإن الفوز لا يتوج إلا بالنهاية، فكم من شخص ناجح وصله لتلك المرحلة بعد جهد كبير ومحاولات فاشلة لا تعد ولا تحصى، ومن المهم أن نتخذ من المواقف درسا لنتعلم منها حتى لا نكرر نفس المحاولات مرة أخرى، ولنصنع التغيير ونبدأ فورا.